08 ديسمبر 2015
يسرقون رغيفك
محمد عادل (مصر)
يعتقل العسكر آلاف الأبرياء، ويلقونهم في السجون ظلما، ثم يفرجون عن عشرات منهم، ويطالبونا أن نمتن لهم، يا لتجبرهم.
تماماً كما قال غسان كنفاني، يسرقون رغيفك، ثم يعطونك منه كسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم، يا لوقاحتهم.
في تقرير للتلفزيون المصري عن إطلاق سراح بعض المعتقلين، في بداية شهر رمضان، رأيت مدي القهر الذي يتحدث به المفرج عنهم في أثناء تسجيلهم مع الكاميرات، وشكرهم الرئيس عبد الفتاح السيسي لإطلاق سراحهم والعفو عنهم. كان واضحاً بشكل فج إجبارهم على ترديد كلمات لم يقتنعوا بها، قبل أن تظهر فيديوهات إجبارهم على السجود أمام الكاميرات.
يتعامل العسكر مع الشعب من منطلق فكرة أن ذاكرة الشعب سمكية، ربما اعتقدوا أننا سننسي أن الشباب في السجون ظلماً، وأن إطلاق سراحهم هو الوضع الطبيعي، ربما اعتقدوا أننا سنمنحهم بعض المدح.
يرفع العسكر الدعم عن الوقود، فيتكبد المواطن المصري عشرات الجنيهات شهرياً، ثم يغدقون سبعة جنيهات عابرة على كل مواطن في شهر رمضان، ويطالبونك أن تحتفل.
يغلقون محطة مترو السادات عامين، ثم يفتحونها وينقل إعلامهم الرقص والزغاريد احتفاءً بفتحها.
يحدثونك عن إباحة صلاة التراويح شرط وجود مراقب، وزيادة في الدلع إباحة الاعتكاف شرط تسليم صورة من بطاقتك، وكأن المسلمين في مصر كانوا مضطهدين ممنوعين من الصلاة والاعتكاف طوال السنوات الماضية، وجاء الجنرال القائد ليطلق الحريات الدينية.
يوزع الجيش كراتين رمضانية على المصريين من أموالهم، لكن، على المصريين أن يتقاتلوا عليها، ويهينوا كرامتهم من أجل الحصول عليها، ولا مانع من دهس بعضهم تحت عجلات سيارة توزيع عسكرية، هي أيضاً من أموالهم.
تطالب جمعية الأورمان وبنك الطعام المصريين بالتبرع للفقراء، يجمعون أموال التبرعات، ثم يوزعون مساعدات كتب عليها شعار الجنرال الانتخابي. كان من الأولى مصارحة المتبرعين، وصياغة الإعلان: تبرعوا لترويج الجنرال.
المعركة هذه الفترة، ولفترة طويلة، معركة وعي، فلنخبر المحتاج أن الطعام الذي يعطيه إياه الجيش هو بالأصل من أمواله، وموزعوه يعملون لديه، فلنخبر الفقير أن الدعم حقه، لا مناً ولا تفضلاً من أحد، ليرفعه وقتما شاء، ليعلم المصلي أن لا أحد يمنحه صلاته، أو ميزة اعتكافه. لتنقل، عزيزي القارئ، هذه المعاني في محيطك، لتعلم، يا صديقي، أنهم يسرقون رغيفك.
مقالات أخرى
21 أكتوبر 2015
16 سبتمبر 2015
23 اغسطس 2015