يعيشك يا شعبي..

22 أكتوبر 2014
أحلامنا كبيرة وطموحنا بحجم فخرنا بوطننا (أ.ف.ب)
+ الخط -

الثورة التونسية المجيدة، أحداث مرت وما زالت آثارها تطرح نفسها، وبقوة شديدة، سواء على الساحة المحلية أو الدولية ومنهما. لكن بعيدا عن كل هذا، وبعيدا عن كل التساؤلات الكبرى، والقضايا التحليلية المعقدة، الثورة التونسية في بعدها الوطني والإنساني تعبر وتفسر ما تعلمناه في الفلسفة، وهي ليست إلا نقطة تحول جذرية وأساسية من عهد قديم إلى عهد آخر جديد، بغض النظر عما كانت عليه أوضاع العهد القديم وما آلت إليه أوضاع العهد الجديد، لكننا أمام مسؤوليات كبيرة لتحديد شكل العهد الجديد، فلا يكفي التخلص من القديم والقعود، ومن المؤكد أن هناك أشياء كثيرة ستتغير، وأن المعادلة لن تبقى كما كانت عليه قبل ثورتنا، والكثير من الصعوبات التي رأيناها بعد الثورة ستختفي مع تراكم نجاح ثورتنا.

كان ذلك واضحا في الثورة التونسية، وإن كانت المعطيات الجديدة لا ترضي تطلعات الشعب التونسي، وهذا لأن أحلامنا كبيرة، وطموحنا بحجم فخرنا بوطننا، إلا أن الأوضاع تعتبر أفضل مما كانت عليه بكثير، وهذا أبسط ما يقال.

على الصعيد السياسي، ما زال الحزب الواحد يحاول فرض نفسه على الساحة التونسية، لكن هذه المرة ليس بسبب سياسة الإقصاء التي عرفها الشعب وعرفتها البلاد طيلة 23 سنة مضت، بل لحاجتنا الحقيقية إلى تعزيز الديمقراطية لتتنافس خلالها الأحزاب ببرامج انتخابية جدية وواقعية، إضافة إلى الصراع الأيديولوجي الذي جاب البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية. والصراع الحزبي وتهافت البعض على السلطة أيضا.

على الصعيد الاجتماعي، لم تعرف البلاد أيضا تغيرا ملحوظا، ربما تطورت حركة المجتمع المدني الذي ظل غائبا هو الآخر خلال العقدين الماضيين، لكن الدولة من جانبها لم تقدم شيئا يجدر ذكره، ولعل المرحلة المنقضية لم تكن لتسمح بذلك لكثافة الحراك السياسي وشدة الضغوط الدولية.

بقية المجالات ليس أحسن مما سبق، فإما مهمشة أو تشهد تحسنا طفيفا ساهم فيه أفراد من المجتمع وغابت فيه الدولة بطريقة شبه كلية.

إن كل ما قدمته الثورة للشعب التونسي، هو الحرية، فلم يبق من الثورة لا الشعارات ولا الهتافات، كلها ذهبت، وبقيت الحرية تضع نفسها في وسط المعادلة.

واليوم حيث لم يبق سوى القليل على تتويج المرحلة الانتقالية، التي ذاق فيها الشعب التونسي أقسى أنواع الاختبار، والتي أثبت فيها بجدارة أنه لا يزال يدافع عن مكتسباته وقيمه وحقه في العيش الكريم، يجب تقييم الفترة السابقة بعين تسعى إلى فرض واقع جديد، واقع يرقى لتطلعات الشعب التونسي وآماله، فتونس ما زالت تنتظر منا الكثير، ونحن ندين لها بالكثير الكثير.

المساهمون