14 مارس 2021
يوميات مواطنة لبنانية تحب الكتابة... اليوم الثالث
كنت أرغب وبشدة بأن أحمّل فيديو عن الحالات الخاصة بـ"واتساب" اليوم، إذ انتظرت هذه اللحظة منذ أن أرسلته أختي لي، وهو فيديو يُظهر فتاة ترقص بفرح عارمٍ لأنها انتهت للتّو من فترة الامتحانات..
أنهيت فترة امتحاناتي في "الجامعة اللبنانية" والمعروفة بسماجتها وتداعياتها النفسية والاجتماعية على الطلاب، حيث تراوحت حالتي بين القلق النفسي وأعراضه كالتوتر والعصبية الدائمة، وارتفاع حمض المعدة، وعدم التركيز في شتى أمور الحياة الخارجة عن مواضيع المقررات والأبحاث، وبين الانسحاب من معظم المناسبات الاجتماعية والعائلية، حتى إنني قمت بإلغاء معظم تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفي مثل فيسبوك وغيره طوال شهر تقريباً.
كل هذا جعل من الاحتفال أمراً محتّماً عند الانتهاء اليوم. لكن للأسف.. نسيت أنني مواطنة لبنانية.. نسيت أنني أعيش في بلد السفالة اللامتناهية، والتي تجعل من أي يوم عادي أو غير عادي، يوماً تراجيدياً مأساوياً بامتياز!
كنت أمر بكل هدوء وسلام من أحد الممرات التي تتسع إلى أربع سيارات، وكما نعلم فإن مساحة سيارتين تُختزل من أي شارع غير رئيسي بسبب ركن السيارات العشوائي في لبنان، والتي ازداد عددها عن عدد المواطنين تقريباً، فبقي متسع لمرور سيارتين: واحدة للذهاب، والأخرى للإياب، وبينما كنت أمر من ناحية الذهاب أتى "باص" أغبى من الغباء يمر بكل أريحية متغاضياً عن حجم "باصه" الذي لا يمكن أن يمر بسلام مع سيارتي التي تعتبر كبيرة نسبياً، معتبراً أنه بطل خارق، وهو لا يعدو كونه سائقاً فاشلاً وغير أمين على أرواح الأطفال الذين ينقلهم، فمر بكل سفاهة، تاركاً لسيارتي علامة كبيرة من الجانب.. طبعاً "زمّرت" وطلبت منه التوقف دون أن يأبه، ودون أن يساهم أحد من سائقي السيارات الأخرى بإيقافه. أقلّه لآخذ حقي المادي منه بعد أذيته البالغة.
للوهلة الأولى زمرت بشدة، ثم ترجلت من السيارة أكيل له شتى أنوع الشتائم المحترمة بداية من "الله يلعنك" إلى الدعاء عليه، إذ إنه لم يتوقف عند نذالة فعلته وإبراز عضلاته القيادية الواهية، بل تعدّاها للهروب مسرعاً مما لم يتح لي حتى أخذ رقم حافلته المشؤومة.
ترى ما الذي منع جميع الناس من إيقافه ولو بصرخة؟ كانوا يزمرون لي في البداية لكي أتركه يمر، ويقولون باستخفاف واضح: "بتمرق .. بتمرق"، رغم تيقني بعدم إمكانية مروره دون أضرار، ما الذي منعهم من الاستماع إلى الزمور الذي كنت أحذر من خلاله هذا المرور وأعترض عليه قبل أن يقع؟ هي أنانية المواطن اللبناني الذي يريد تيسير أموره مهما كان الثمن الذي سيقع على أخيه المواطن الآخر؟ أم أنها الدونية التي ما زالت أحد أهم الانطباعات عن المرأة السائقة، والوصمة التي تشملهن مُجتمِعات؟
نحن بلد متحضر قشرياً فقط، ندّعي إعطاء النساء حقوقهن، ثم نطلق الأحكام التي لا حصر لها عليهن دون التأكد، أنا لا أنكر وجود عدد كبير من النساء غير الجديرات بالقيادة، هذا ليس بسبب أنوثتهن، أو ضعف الذكاء أو القدرات، وإنما بسبب إعطاء دفاتر القيادة بالواسطة والمحسوبية.
والحال نفسه ينطبق على الرجال، وإن لم يكن أكثر! أو ليست هذه الفحولة القيادية تُقابل بعدد لا حصر له من الحوادث الكبيرة والصغيرة كالتي حصلت معي اليوم؟ إضافة الى كمية الضغط الذي يمارسه قائدو السيارات بشتى أنواعها عندما يرون امرأة في مجال القيادة.
لم يحرمني هذا السائق اللعين الفرحة بهذا اليوم فقط، وخاصة أنه أضاف على كاهلي الآن نفقات إصلاح سيارة ستبقى حاملة لهذا الوشم الجميل لمدة طويلة، إذ إنني دون عمل حالياً ولا يمكنني تحمل النفقات. بل وقد ذكرني بكل المحن المرورية التي عانيتها منذ البداية بسبب أمثاله من أصحاب الضمائر الكفيفة في هذا المجتمع الآيل للسقوط في أي لحظة، وعدم وجود جهات حريصة فعلاً يمكن اللجوء إليها في مثل هذه الحالات أو غيرها.
أنهيت فترة امتحاناتي في "الجامعة اللبنانية" والمعروفة بسماجتها وتداعياتها النفسية والاجتماعية على الطلاب، حيث تراوحت حالتي بين القلق النفسي وأعراضه كالتوتر والعصبية الدائمة، وارتفاع حمض المعدة، وعدم التركيز في شتى أمور الحياة الخارجة عن مواضيع المقررات والأبحاث، وبين الانسحاب من معظم المناسبات الاجتماعية والعائلية، حتى إنني قمت بإلغاء معظم تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفي مثل فيسبوك وغيره طوال شهر تقريباً.
كل هذا جعل من الاحتفال أمراً محتّماً عند الانتهاء اليوم. لكن للأسف.. نسيت أنني مواطنة لبنانية.. نسيت أنني أعيش في بلد السفالة اللامتناهية، والتي تجعل من أي يوم عادي أو غير عادي، يوماً تراجيدياً مأساوياً بامتياز!
كنت أمر بكل هدوء وسلام من أحد الممرات التي تتسع إلى أربع سيارات، وكما نعلم فإن مساحة سيارتين تُختزل من أي شارع غير رئيسي بسبب ركن السيارات العشوائي في لبنان، والتي ازداد عددها عن عدد المواطنين تقريباً، فبقي متسع لمرور سيارتين: واحدة للذهاب، والأخرى للإياب، وبينما كنت أمر من ناحية الذهاب أتى "باص" أغبى من الغباء يمر بكل أريحية متغاضياً عن حجم "باصه" الذي لا يمكن أن يمر بسلام مع سيارتي التي تعتبر كبيرة نسبياً، معتبراً أنه بطل خارق، وهو لا يعدو كونه سائقاً فاشلاً وغير أمين على أرواح الأطفال الذين ينقلهم، فمر بكل سفاهة، تاركاً لسيارتي علامة كبيرة من الجانب.. طبعاً "زمّرت" وطلبت منه التوقف دون أن يأبه، ودون أن يساهم أحد من سائقي السيارات الأخرى بإيقافه. أقلّه لآخذ حقي المادي منه بعد أذيته البالغة.
للوهلة الأولى زمرت بشدة، ثم ترجلت من السيارة أكيل له شتى أنوع الشتائم المحترمة بداية من "الله يلعنك" إلى الدعاء عليه، إذ إنه لم يتوقف عند نذالة فعلته وإبراز عضلاته القيادية الواهية، بل تعدّاها للهروب مسرعاً مما لم يتح لي حتى أخذ رقم حافلته المشؤومة.
ترى ما الذي منع جميع الناس من إيقافه ولو بصرخة؟ كانوا يزمرون لي في البداية لكي أتركه يمر، ويقولون باستخفاف واضح: "بتمرق .. بتمرق"، رغم تيقني بعدم إمكانية مروره دون أضرار، ما الذي منعهم من الاستماع إلى الزمور الذي كنت أحذر من خلاله هذا المرور وأعترض عليه قبل أن يقع؟ هي أنانية المواطن اللبناني الذي يريد تيسير أموره مهما كان الثمن الذي سيقع على أخيه المواطن الآخر؟ أم أنها الدونية التي ما زالت أحد أهم الانطباعات عن المرأة السائقة، والوصمة التي تشملهن مُجتمِعات؟
نحن بلد متحضر قشرياً فقط، ندّعي إعطاء النساء حقوقهن، ثم نطلق الأحكام التي لا حصر لها عليهن دون التأكد، أنا لا أنكر وجود عدد كبير من النساء غير الجديرات بالقيادة، هذا ليس بسبب أنوثتهن، أو ضعف الذكاء أو القدرات، وإنما بسبب إعطاء دفاتر القيادة بالواسطة والمحسوبية.
والحال نفسه ينطبق على الرجال، وإن لم يكن أكثر! أو ليست هذه الفحولة القيادية تُقابل بعدد لا حصر له من الحوادث الكبيرة والصغيرة كالتي حصلت معي اليوم؟ إضافة الى كمية الضغط الذي يمارسه قائدو السيارات بشتى أنواعها عندما يرون امرأة في مجال القيادة.
لم يحرمني هذا السائق اللعين الفرحة بهذا اليوم فقط، وخاصة أنه أضاف على كاهلي الآن نفقات إصلاح سيارة ستبقى حاملة لهذا الوشم الجميل لمدة طويلة، إذ إنني دون عمل حالياً ولا يمكنني تحمل النفقات. بل وقد ذكرني بكل المحن المرورية التي عانيتها منذ البداية بسبب أمثاله من أصحاب الضمائر الكفيفة في هذا المجتمع الآيل للسقوط في أي لحظة، وعدم وجود جهات حريصة فعلاً يمكن اللجوء إليها في مثل هذه الحالات أو غيرها.