وتواصل قوات النظام السوري، بمساندة من الطيران الحربي الروسي، اليوم الأربعاء، استهداف مدن وبلدات الغوطة الشرقية في ريف دمشق، بالرغم من قرار مجلس الأمن الذي أقرّ هدنة لمدة 30 يوماً، وبالرغم أيضاً من الهدنة التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمدة خمس ساعات يومياً.
وأفاد مصدر من الدفاع المدني السوري، لـ"العربي الجديد"، أن ثلاثة مدنيين قتلوا، وجرح آخرون، ظهر اليوم، جراء قصف جوي ومدفعي من قوات النظام على الأحياء السكنية في مدينة دوما، مضيفا: قضى أربعة مدنيين متأثرين بجروح خطرة أصيبوا بها بقصف النظام في وقت سابق على المدينة.
وأضاف المصدر أن الدفاع المدني فقد أحد عناصره جراء غارة جوية استهدفت فريق الإنقاذ 114، أثناء قيامه بواجبه الإنساني في إسعاف المصابين من المدنيين في بلدة أوتايا بمنطقة المرج.
وطاول القصف الجوي من النظام، بأكثر من ثلاثين غارة، مناطق في حرستا وبيت سوى وعربين والأشعري، فضلًا عن قصف صاروخي ومدفعي، ما أسفر عن مقتل طفل في مدينة حرستا، ومقتل ثلاثة مدنيين ووقوع مزيد من الجرحى في بلدة بيت سوى، فضلًا عن أضرار مادية جسيمة في منازل المدنيين.
وفي وقت سابق اليوم، أكدت مصادر محلية في الغوطة أن الطيران الحربي للنظام السوري شنّ غارتين على بلدتي أوتايا وحوش الضواهرة في الغوطة الشرقية، بالتزامن مع قصف مكثف على أوتايا وحوش الصالحية وأطراف حوش الضواهرة براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة.
كما شنّ سربٌ من الطائرات الروسية وخمس طائرات مروحية، غارات على مدن وبلدات عدة في الغوطة الشرقية، طاولت خاصة حرستا وعربين وأوتايا وحزة ومسرابا.
وقال "مركز الغوطة الإعلامي" إن قوات النظام تشن منذ فجر اليوم قصفاً هستيرياً على مختلف مناطق الغوطة، مستخدمة جميع أنواع الأسلحة، حيث استهدفت المناطق السكنية بأكثر من 200 غارة جوية وأكثر من خمسة آلاف قذيفة، رداً على سقوط عدد كبير من عناصرها خلال محاولتهم اقتحام الغوطة فجراً.
خسائر للنظام واتهامات بـ"الخيانة"
وفي هذا السياق، كشفت مصادر موالية للنظام عن مقتل أربعة وثلاثين عنصرًا من مليشيات "الحرس الجمهوري" التابعة لقوات النظام السوري، وإصابة قائد عمليات الهجوم على محور حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق، وسط اتهامات متبادلة بين ضباط النظام بالخيانة.
وكانت المعارضة السورية المسلحة قد أعلنت أمس أيضًا عن مقتل أكثر من 36 عنصرًا من عناصر النظام في كمين نصب لهم على محور حوش الضواهرة.
ونعت مصادر مقربة من النظام السوري، اليوم، أربعة وثلاثين عنصرًا، بينهم اثنا عشر ضابطًا من مليشيات "الحرس الجمهوري"، إثر المواجهات العنيفة مع المعارضة السورية المسلحة في الغوطة الشرقية، وأشارت المصادر ذاتها إلى إصابة العميد ركن نادر سعد الدين قائد عمليات الحرس الجمهوري في محور حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية.
وفي الشأن ذاته، نشرت مصادر مقربة من النظام السوري أسماء ثلاثة وثلاثين عنصرًا من عناصر النظام الذين قتلوا على محور حوش الضواهرة، وأشارت إلى أنه تم نشر أسماء من تم التعرف إليهم فقط، في حين تم تصوير من سُحبت جثثهم.
وبحسب المعلومات التي تناقلها ناشطون مؤيدون للنظام السوري، فإن عددًا كبيرًا من قوات النظام وقع في كمين محكم نصبته المعارضة في منطقة حوش الضواهرة، وسط اتهامات بالخيانة بين ضباط قوات النظام أدت إلى اعتقال بعضهم واقتيادهم إلى التحقيق.
ونشرت صفحة "عرين الحرس الجمهوري": "هناك العديد من الجهات تحاول بث الفتنة واتهام ضباط في الحرس الجمهوري... ولكن الشهداء لم يسقطوا بسبب المقدم مصطفى أو بخيانة منه كما تدعي تلك الجهات، وقد رفع الاسم للتحقيق بسبب نفوذ تلك الجهات وتأثيرها على القرار بكل أسف".
Facebook Post |
إلى ذلك، استمرت المواجهات بين قوات النظام والمعارضة السورية المسلحة في محوري حوش الضواهرة وحوش نصري شرق مدينة دوما، وفي محوري المشافي وحي العجمي غرب مدينة حرستا وسط قصف مدفعي وجوي على مدن وبلدات الغوطة.
وتحدثت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" اليوم عن قصف مدفعي من فصائل المعارضة السورية المسلحة طاول ثكنة الطابة العسكرية في محيط مدينة الرحيبة بالقلمون الشرقي بريف دمشق الشمالي.
كما قصفت المعارضة براجمات الصواريخ مطار الضمير العسكري، وقابلتها قوات النظام بغارتين جويتين على مواقع المعارضة دون وقوع إصابات.
وبحسب مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري، فإن اشتباكات عنيفة تدور منذ صباح اليوم بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في محور حرستا - شمال "وسط قذائف مدفعية وصاروخية مكثفة ينفذها الجيش على نقاط المسلحين في حرستا وعربين".
ومن المفترض أن يكون اليوم هو اليوم الثاني للهدنة التي أعلنت عنها روسيا، وتبدأ من الساعة التاسعة بتوقيت دمشق، وحتى الساعة الثانية بعد الظهر، بهدف فتح ممر آمن لخروج الجرحى والمدنيين.
وتزعم روسيا أن فصائل المعارضة أفشلت الهدنة في يومها الأول أمس، بسبب استهدافها الممر الإنساني الذي تمّ تخصيصه لخروج المدنيين من المنطقة، الأمر الذي نفته الفصائل، مؤكدة عدم توجه أحد لهذا الممر، حيث لا يزال السكان مختبئين تحت الأرض نتيجة عمليات القصف المستمرة.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هدنة الغوطة الشرقية "ستُظهر إن كان المسلحون سيلتزمون بالقرار 2401 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الهدنة".
أما وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان، فقد رأى أن روسيا هي وحدها القادرة على الضغط على النظام السوري لضمان التزامه بالهدنة في الغوطة الشرقية، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2401.
وخلال محادثات مع لافروف في موسكو، قال لودريان إنه بحث مفصلاً مع نظيره الروسي كيفية تطبيق قرار مجلس الأمن 2401، إضافة إلى إمكانية إجلاء المصابين "بالإصابات الأخطر" من المنطقة.