41 عاماً على زيارة السادات للقدس المحتلة: هكذا مهّدت الطريق إلى التطبيع

19 نوفمبر 2018
رحب قادة الاحتلال الإسرائيلي بالسادات(Getty)
+ الخط -


في التاسع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1977، ألقى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، خطبةً أمام مجلس الشعب، فاجأ خلالها المصريين والعرب والعالم أجمع، حين قال: "ستُدهَش إسرائيل حينما تسمعني الآن أقول أمامكم، إني مستعد للذهاب إلى بيتهم نفسه، إلى الكنيست الإسرائيلي ذاته".

لم تمرّ أيام، حتى حطّت طائرة السادات في مطار بن غوريون، وكان ذلك في يوم السبت الموافق 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1977.

لم يلتفت السادات آنذاك إلى تأكيد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي مناحم بيغن وحكومته، أن إسرائيل لا يمكن أن تعود إلى حدود العام 1967، وأنها لن تعترف بالدولة الفلسطينية، ولن تقبل بإجراء اتصالات مع "منظمة التحرير الفلسطينية"، بل أصرّ على القيام برحلته.

زار السادات في ذلك اليوم برلمان الاحتلال الإسرائيلي، "الكنيست"، وألقى خطاباً أكد فيه أن السلام في الشرق الأوسط ممكن، لكنه يحتاج إلى زعماء شجعان، وذلك وسط استقبالٍ عسكري حافل وترحيب من قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي ورؤساء حكوماتها السابقين وزعماء طوائفها.

بدأ السادات خطابه قائلاً: "قد جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين، لكي نبني حياة جديدة، لكي نقيم السلام وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا مسلمون ومسيحيون ويهود... نعبد الله ولا نشرك به أحداً، وتعاليم الله ووصاياه هي حب وصدق وطهارة وسلام". ثم اعترف بـ"وجود دولة إسرائيل كواقع"، وقال "ولقد أعلنت أكثر من مرة أن إسرائيل أصبحت حقيقة واقعة، اعترف بها العالم، وحملت القوَّتان العُظميان أمنها وحماية وجودها، ولما كنّا نريد السلام، فعلاً وحقّاً، فإننا نرحب بأن تعيشوا بيننا، في أمن وسلام، فعلاً وحقّاً"‏‎.‎

ونتيجة لزيارة القدس المحتلة، تمّ توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" بين السادات وبيغن في 17 سبتمبر/أيلول 1978.

اشتعلت ردود الفعل العربية بعد تلك الزيارة، وقاطعت الدول العربية مصر، وعلّقت عضويتها في الجامعة العربية التي نقل مقرها الدائم من القاهرة إلى تونس العاصمة، بناءً على قرار اتخذ في القمة العربية التي عقدت في بغداد، بدعوةٍ من الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، في نوفمبر/تشرين الثاني 1978.

كما قدّم وزير الخارجية المصري الراحل إسماعيل فهمي، استقالته، بعد تأكده من زيارة السادات للقدس المحتلة، قائلاً إنها "حطمت دور مصر تجاه الفلسطينيين، وعزلت مصر عربياً، كما عزلت السادات داخل بلاده".

واندلعت تظاهرات معارضة للسادات في بيروت والعديد من المدن اللبنانية، وتمّ تفجير مكاتب الخطوط الجوية المصرية في بيروت ودمشق، وفقاً لإحدى وثائق الاستخبارات الأميركية التي تمّ الإفراج عنها.

ورفضت المملكة العربية السعودية الزيارة، وأصدر الملك خالد بياناً ينأى ببلاده عن الزيارة وينتقدها، لأنها قسّمت العرب. وغادر ياسر عرفات القاهرة غيرَ مصدقٍ لما حدث، وثار حراكٌ لم يحدث منذ انتصار 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973.

لكن ردود الفعل العربية العنيفة على زيارة السادات إلى القدس المحتلة أخذت تخفت رويداً رويدا. ومع مرور الوقت، فتحت تلك الزيارة الأبواب تدريجياً أمام مدّ علاقات التطبيع بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حتى تجلّى ذلك بعد 41 عاماً تقريباً، عندما فوجئ العالم بالزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة العمانية مسقط، والتقى خلالها السلطان قابوس بن سعيد.

وأعلن ديوان نتنياهو في بيان، أن الزيارة جاءت بناء على دعوة وجهها السلطان قابوس إلى رئيس الوزراء نتنياهو وزوجته للقيام بهذه الزيارة في ختام اتصالات مطولة أجريت بين البلدين.

وشارك في الزيارة كل من رئيس "الموساد" الإسرائيلي يوسي كوهين، ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بنشبات، ومدير عام وزارة الخارجية يوفال روتيم، ورئيس ديوان رئيس الوزراء يؤاف هوروفيتس، والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء العميد أفي بلوت.

وقال البيان إن "زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى عمان تشكل خطوة ملموسة في إطار تنفيذ سياسة رئيس الوزراء التي تسعى إلى  تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة من خلال إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد".