قرار إعادة سورية إلى جامعة الدول العربية أسوأ من قرار تعليق عضويتها، لا فقط لأنه ينقُض بالكامل أي ملمح حقوقي في القرار السابق، ولا فقط لأنه يمثل استمرارًا وانسجامًا مع منطق "جامعة السلطويات"، بل لأنه يمثل "اعترافًا" بالنهج السلطوي وترويجًا له
سيكون العراق، وثورتُه، أمام "تنازع للولاءات"، وهو أخطر ما خلّفه اغتيال الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، ذلك أنه وضع الثورةَ، أكثر من أي وقت مضى، أمام تحدّي أن تُثبِت استقلاليتَها، في كل خطوة من خطواتها، وهي ليست، ولم تكن مضطرة لذلك.
ما تنجزه ثورة تشرين يقع في حقلٍ أن عراق المستقبل سيكون ختمه عراقيًا، وطنيًا، داخليًا محضًا، لا يدع مجالًا لشبهة الخارج. وما تقوم به هذه الثورة أوسع من مجرد إصلاح للنظام السياسي، أو إعادة صياغته ليكون نظامًا أكثر عدالة.
تخلّق "فضاء ثوري" في العراق، جسّدته ساحةُ التحرير في بغداد، برمزيتها العالية، تصبّ فيه فئات المجتمع، الموجودة داخله أو خارجه، إسهاماتها في الثورة، دعمًا، وعواطف، ومطالب، وتصورات، وآمالًا، ورهانات، فضاء ثوري تتكثف فيه رؤية تغيير النظام، نحو نظامٍ أكثر عدالة.
في تونس، وللمرة الأولى في الثقافة العربية ربما، ينشبك السؤالان معًا: السؤال الحضاري التأسيسي عن موقعنا من الحداثة الكونية، وسؤال تأمين انتقال ديمقراطي ناجح ومستدام. هذا مع أن سؤال الانتقال الديمقراطي لا يزال مستمرًا في تونس، صعبًا وحادًّا وغير محسوم.
يواصل الباحث العراقي، حيدر سعيد، في الجزء الثاني والأخير من مطالعته، تحليله للظروف الدولية والإقليمية التي تحيط بالاستفتاء المرتقب في إقليم كردستان العراق، بدءاً من الموقفين التركي والأميركي، وليس انتهاء بأحوال البيت الكردي الداخلي ومواقفه المتعددة من الاستفتاء.
الازدواجية هي السمة التي تحكم الوعي السياسي العراقي، كردا وعربا، فالعرب انطلقوا من بداهة أن الاستقلال الكردي قادم، فيما آمن الكرد بالدولة المستقلة واختاروا الاتحاد الفيدرالي "مؤقتا"، ريثما ينشئوا مقومات الدولة، وبانتظار لحظة إقليمية ودولية مناسبة.
لم تسقط هيبةُ الدولة، حين احتل تنظيم إرهابي ثلثَ مساحة البلاد والمدينةَ الثانية فيها، ولم تسقط هيبةُ الدولة، العاجزة، واللامبالية بأربعة ملايين نازح ومشرّد، أخرجهم العنفُ من ديارهم، منذ نحو ثلاث سنوات، ولم يستطيعوا العودةَ إليها.