في ذاك اليوم، جاء شاب قبرصي إلى جواري وقال إنه يعمل كمُرَاقِب في اجتماعات الاتحاد، وقد فرحتُ لكونه قبرصيَّاً وعبرّت عن ذلك بمعانقتي له وعرّفته على أصدقائي. ولأن السلام هو غاية اتحاد كُتّاب آسيا وأفريقيا فهذا يعني أن الشاب القبرصي يريد السلام أيضاً.
عندما صارت مصر اشتراكية أراد النظام أن يرتدي الرجال القميص والبنطلون بدلاً من الجلباب وجعلهما بسعر رخيص، حتى أقلّ من سعر الجلباب ولكن لم يحدث هذا الأمر. بالتأكيد لم يكن سهلاً، إنها تقليد لديهم.
لم يكن هناك فرق في عيون المثقّفين العثمانيّين بين البوسنة وأنقرة والأناضول والعراق. وباستثناء إسطنبول وإزمير، كانت المدن التركية في أوضاع أسوأ من مدن مصر والعراق. حتّى إنّنا نقول اليوم في تركيا: "لا يوجد حبيب مثل الأمّ، ولا مدينة مثل بغداد".
يقولون عن هذا التحوّل في مصر "اشتراكية". هل هي اشتراكية أم لا؟ هذا موضوع آخر قابل للنقاش. وحسب فهمي للاشتراكية، فإنها ليست هذه التي في مصر، لكن قوّة عبد الناصر كلّها جاءت من توزيعه للأراضي الزراعية على الفلّاحين.
إن النظام القومي في تركيا، الذي يفعل كلّ شيء من أجل مصالحه، يتجاهل مشكلة تركمان العراق، لكنّني ككاتب اشتراكي أرى أنه من واجبي أن أخبر الناس بما رأيت، لأن وظيفتي ليست إقامة صداقة دبلوماسية عابرة بين دولتين، ولكن العمل على خلق صداقة حقيقية بين شعبين.
يستكمل الكاتب التركي (1915 - 1995) سردَ رحلته إلى مصر عام 1966، في كتابه "الدنيا قِدرٌ كبير وأنا مغرفة". هنا مقتطف يضمّ كلمته التي ألقاها في اجتماع "اتحاد كُتَّاب آسيا وأفريقيا" والتي تعكس أسئلة ما زالت راهنة.
"الدنيا قِدرٌ كبيرٌ وأنا مِغرفة: رحلة مصر والعراق" كتاب لعزيز نيسين (1915 - 1995)، يسجّل رحلة الكاتب التركي إلى مصر عام 1966. ترجمَه إلى العربية أحمد زكريّا وملاك دينيز أوزدمير، وقد حصل على "جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة" (2021 - 2020) ويصدر قريباً.