"إعلاميون ضد الكراهية"
على مدار يومين ناقش مجموعة من الإعلاميين من مختلف البلدان العربية كيفية احتواء خطاب الكراهية في الإعلام. وقد نجح منظمو المؤتمر (مجلس حكماء المسلمين - المركز الكاثوليكي للإعلام) في تسليط الضوء على دور الإعلاميين في احتواء هذا الخطاب، وكيف كانت معالجته في أثناء الجائحة، والتي شهدت ارتفاعا كبيرا في الكراهية سواء على وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.
واستمرت وسائل التواصل الاجتماعي في العمل كمنصات للإبداع السريع والمعلب لمختلف المعلومات ونشرها، وفي الوقت نفسه كانت بمثابة منصة لنشر خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والدعاية ونظريات المؤامرة حول الجائحة ومن بعدها أشعلت حرب اللقاحات. وأكدت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام على التفاف الجماهير حولها خلال الجائحة بأنها لا تزال قوية ومؤثرة، فالطريقة التي صوروا بها الأزمة الصحية قد أثرت بلا شك على طريقة تفاعل الناس معها.
وتم النقاش على مدار يومين في العاصمة الأردنية عمان، عن دور الخطاب الإعلامي المضاد للكراهية، وكيف أنه يلعب دورًا مؤثرًا في بناء العلاقات وتحديد الهويات الاجتماعية، وما أحوجنا هنا إلى تطوير قدراتنا على قراءة المشهد الإعلامي وباستمرار، وتحديد القوى المؤثرة والفاعلة فيها. وما أحوجنا أيضا الآن أكثر من أي وقت مضى إلى محررين مزينين بِطِرَازِ الْعَدْل وَالإِنْصَاف وَيَتحَرون حقائق الأُمور قبل نشرها. كما نحتاج لإعلام يساعد المجتمع في أن يفهم القوى التي تشكل عالم اليوم، وتساهم في نشر الأفكار التي تساعد في تحقيق التحوّل في المجتمعات نحو عدالتها. وهنا لا بد من أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت مساهمتنا خلال الجائحة توجه نحو سرعة النشر والإبلاغ عن الأرقام وإعادة التدوير بسرعة بمجرد أن يأتي البند التالي، وهل استطعنا أن نبتعد عن "الجعجعة" اليومية ونتجه لاستكشاف واقعنا الاجتماعي الذي تغير بصورة كبيرة من جراء الجائحة؟
خلق المؤتمر فضاء مهماً للتفكير في أهمية إدراك المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها لخطورة الجهل وعدم تقدير الثقافات والمعتقدات المختلفة
وتلعب الرسائل الإلكترونية المتسلسلة أيضًا دورًا مهمًا في نشر نظريات المؤامرة. وأنا كراصدة لما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تحليلها، أستطيع القول بأن منصات التواصل الاجتماعي وتحديدا Facebook وTwitter وYouTube لعبت دورًا في توليد وتضخيم المعلومات الخاطئة للفيروس.
وبقراءة متأنية في كيفية تعامل المواطنين مع مواضيع جدلية وإشعال نار الكراهية على هذه المواقع، تجعلنا نتوجه لجميع النشطاء ليعوا عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم. وسوف تتطلب التحديات التي نواجهها في نهاية المطاف حلولاً شاملة.
جعلتنا الجائحة وتغطياتها الإعلامية نستكشف المفاهيم الأساسيّة والتّطلعات الشّجاعة التي كانت غائبة إلى حدّ كبير عنا، والتي تحمل في طيّاتها إمكانيةَ أن تُسفر عن لحظةٍ من وعي مجتمعي، وتجعلنا نتفكر في قرارة أنفسنا في أسئلة أكثر عمقا ووجودية.
الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين أكد على جهود المجلس في خلق ائتلاف إعلامي يهدف إلى مكافحة خطابِ الكراهية والتمييز في وسائل الإعلام العربية، سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها، من خلال تعزيز المعايير الأخلاقية، وتفعيل المواثيق الصحافية لإعلاء كرامة الإنسان، في عصر نشهد فيه ارتفاع صوت خطاب الكراهية متزامنا مع أزمات حالكة تجتاح العالم؛ من لجوء وتهجير وتفرقة وأوبئة.
لقد خلق المؤتمر فضاء مهما للتفكير في أهمية إدراك المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها لخطورة الجهل وعدم تقدير الثقافات والمعتقدات المختلفة، الأمر الذي يقود إلى تشكيل الصور النمطية وتعزيز خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز، وأهمية اعتناء الإعلاميين بكلماتهم وصورهم، التي عادة ما يكون لها تأثير عميق في الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
في نهاية المطاف هل سننجح في تكثيف الجهود لاحتواء هذا الخطاب البغيض ابتداء من حياتنا اليومية وصولا إلى مواقع التواصل وانتهاء بالإعلام؟