جولة في مشوار الأستاذ علي عبد الخالق (7)
يتواصل الحوار مع المخرج الكبير الأستاذ علي عبد الخالق عن مشواره السينمائي وننتقل فيه إلى محطة أخرى من محطات سنوات الثمانينات التي كانت فترة شديدة الخصوبة في مشواره:
ـ بعد كده نيجي لمحطة مختلفة في شغلك هي فيلم (الحقونا) اللي كان من أوائل الأعمال الفنية اللي بتقدم ظاهرة سرقة الأعضاء واللي بعد كده اتقدمت في أعمال كتيرة؟
باعتبر فيلم (الحقونا) من أفلامي المهمة، هو في الأصل سيناريو ما كنتش أنا اللي هاعمله، كان هيخرجه عاطف الطيب الله يرحمه، لكنه اختلف مع مؤلفه إبراهيم مسعود وبقيت أنا صاحب العمل.
ـ ما كانش عندك حساسية من فكرة استكمال أعمال بدأها مخرجين سابقين؟
لأ طبعا طالما السيناريو عجبني، لكن باشترط إنهم يجيبوا لي حاجة مكتوبة من المخرج إنه مش عايز يكمل الفيلم، أو نتكلم في التليفون ويشرح لي موقفه، لإني ما أحبش أنطّ على شغل حد أو حد ينطّ على شغلي، فهو مش بس موقف أخلاقي، لكن كمان موقف عملي يعني مش هاعمل ده مع غيري طالما ما أحبش حد يعمله معايا. المهم لما قريت السيناريو كان عندي ملاحظات بسيطة جدا عليه، وكنت شايفه فيلم حلو وبيناقش قضية مهمة، والغريب إن البعض تعامل معاه على إنه قريب من فيلم (جري الوحوش) لما قروا ملخص القصة اللي اتنشر في الجرايد، حتى محمود أبو زيد الله يرحمه كلمني وقال لي: إيه الحكاية انت بتعيد جري الوحوش تاني؟ قلت له: لا طبعا، وحكيت له الفيلم فقال لي: لأ ده موضوع مختلف.
السيناريو أصلا كان مستوحى من خبر في صفحة الحوادث عن واحد اتسرقت كليته في مستشفى، والخبر شد المؤلف وبدأ يفكر في إنه يعمل الفيلم وما كانش بقى الموضوع منتشر بشكل كبير زي بعد كده، وبالتالي عجبني عشان موضوعه خارج عن نطاق المألوف، لكن ما نجحش أوي الفيلم ده يمكن عشان صادم للمشاهدين، رغم إن فيلم (الوحل) برضه كان صادم وكئيب جدا لكنه نجح مع إنه من الأفلام القاتمة جدا، وأنا أفلامي عموما مش كئيبة، لكن الفيلم ده في مشاهدين قالوا لي ده فيلم صعب واحنا اكتأبنا، لكن بشكل عام يعتبر نجح إلى حد ما وما خسّرش المنتج.
لما باشتغل مع حد لأول مرة باحرص إني أنقّي كلامي كويس عشان ما اجرحوش، وتكون علاقة متوترة من البداية
لكن أعتقد إن سبب عدم نجاحه هو غياب الحس الكوميدي فيه بسبب قضيته، وأنا بشكل عام باحب يكون أفلامي فيها الحس الكوميدي، يعني عندي أفلام بتناقش قضايا جادة زي فيلم (العار) هتلاقي فيها ضحك أكثر من بعض الأفلام الكوميدي، وأنا باحب دايما إن البسمة تكون موجودة لإننا شعب بيحب الضحك ودمه خفيف، وده أدركته من زمان، فاكر إني في صبايا مع بدايات تأثري بالإخراج بسبب إدماني لأفلام عز الدين ذو الفقار زي ما قلت، مرة عملت تجربة وركبت أتوبيس وقلت هابص في وشوش الناس وأشوف تعبيراتهم وأتأمل فيها وأقارنها باللي باشوفه في الأفلام، لقيت الناس دايما مبتسمة وبتضحك حتى في الحوارات الجادة جدا، بعكس اللي بنشوفه في السينما، لكن طبعا في تعاملي مع الكوميديا في أفلامي مش بافتعل إفيهات، باحب الكوميديا تيجي من خلال المواقف المكتوبة كويس.
ـ خلال مشوارك الطويل اشتركت في الكتابة ثلاث مرات، مرة في فيلم (أربعة في مهمة رسمية) مع عبد الجواد سالم، والثانية في (إنهم يسرقون عمري) مع أحمد صالح، وكتبت برضه قصة فيلم (السادة المرتشون)، ممكن تكلمنا عن تجربة الكتابة في الأفلام دي؟
أنا كمخرج باحب أبقى موجود في السيناريو حتى لو مع مؤلف أثق فيه وفي إبداعه عشان أبقى قاري الفيلم صح جداً على الورق، والحقيقة المؤلفين المبدعين قليلين جدا، وبالتالي دوري كان بيزيد لما يكون المؤلف أقل إبداعا وثقتي فيه تكون أقل، لكن ما كنتش باكتب اسمي على إني اشتركت في الكتابة، حتى فاكر إن ابني كان بيزعل جدا من الحكاية دي، وكنت باقوله في الآخر الفيلم منسوب لمخرجه ومش عايز أزعل حد.
يعني مثلا في فيلم (السادة المرتشون) أنا كنت كاتب السيناريو من غير الحوار، وبعدين منتج الفيلم محسن علم الدين قال لي مش هيبقى شكلها حلو إنها سيناريو وإخراج علي عبد الخالق، لازم نجيب حد يكتب، إيه رأيك نجيب مصطفى محرم؟ قلت له آه وماله، لكن مصطفى قال ما ينفعش يتكتب إنه فقط مشارك في السيناريو، قلت ماشي وما كنتش متشبث بإن اسمي يتكتب، وده اللي ممكن أقوله عن الموضوع عشان ما أزعلش حد، لكن في أفلام مشارك فيها مشاركات قوية جدا على مستوى التأليف، لكن يعني في أفلامي مع محمود أبو زيد أنا ما كنتش باشارك في التأليف، لكن لعبت دور الناقد للي هو يكتبه وكان بيتجاوب معاه زي ما شرحت قبل كده.
بالمناسبة مصطفى محرم أنا عملت معاه ثنائي وعدد الأفلام اللي عملناها كان أكبر عدد في أفلامي، يعني عمل معايا أكتر من 15 فيلم، كنا زملاء واتصاحبنا وبدأنا بفيلم (أغنية على الممر) وبعدها عملنا الحب وحده لا يكفي والسادة المرتشون والوحل ودرب الرهبة وأفلام كتير. في ثنائية تانية برضه حصلت مع المؤلف إبراهيم مسعود عملت معاه 3 أفلام مخابراتية أو جاسوسية هي إعدام ميت وبئر الخيانة والكافير وعملت معاه فيلمين اجتماعيين مدافن مفروشة للإيجار والحقونا، بالمناسبة هو كان ضابط مخابرات وطلع من الخدمة وكان بيجيد كتابة وعرفته من خلال قصة الجاسوسية اللي نشرها زي ما قلت قبل كده ولقيت فيه ضالتي في المنطقة دي لإني كنت مهتم بالصراع العربي الإسرائيلي اللي عملت فيه سبع أفلام بدأتها بأغنية على الممر وأنهيتها بفيلم يوم الكرامة، وكنا أصدقاء لحد ما رحل رحمة الله عليه، وحبينا الشغل مع بعض، كان ساكن برضه في مصر الجديدة وكنا نتقابل دايما ونعيد الكتابة وكان عنده ثقة في آرائي وسهل إنه يقتنع بيها، والحقيقة الشغل مع الأصدقاء بيكون مريح لإن بتحصل ثقة بيننا.
لما باشتغل مع حد لأول مرة باحرص إني أنقّي كلامي كويس عشان ما اجرحوش، وتكون علاقة متوترة من البداية، يعني في مرة منتج اداني سيناريو فكتبت عليه تعليقات لنفسي، وكان منها تعليق باقول: إيه التخاريف دي، وما كنتش والله باتكلم عن شغل السيناريست، كنت باتكلم عن الشخصية ورد فعلها، وعشان كده ما حسيتش إن في مشكلة، وقلت إني لما أقعد مع السيناريست هاشرح له، فالمنتج قال لي اديني السيناريو عشان أقرا الملاحظات وادى النسخة للسيناريست من غير ما يقصد، فالسيناريست زعل بشكل فظيع، وقال للمنتج إني شتمته فرحت له وفهمته إني باعبر عن شعوري تجاه الشخصيات لغاية ما أقعد معاك وأشرح لك وأسمع منك.
في مرة تانية كان في سيناريو للأستاذ أسامة أنور عكاشة، وكان أسامة باعه أكثر من مرة لمنتجين وما اتعملش فطبعه سيناريو ونزل السوق مش فاكر اسمه ـ يقصد فيلم (الاسكندراني) ـ ويبدو إنه ده كان من إحساسه إنه خلاص مش هيتعمل وما دام مش هيتعمل يبقى الناس تقراه، لكن جه منتج تحمس إنه يعمله وجابهولي، وكان قليل لما تيجي لي أفلام جاهزة، فقريته وكتبت ملاحظاتي وكان أسامة عنده شقة في اسكندرية بيحب يقعد فيها ويكتب، فقالي تعالى أعزمك على سمك ونقرا الملاحظات، رحت له واتغدينا وابتدينا نقرا والكلام خدنا، ولقيت أسامة بيقولي باقولك إيه ما تسيب لي السيناريو أقرا ملاحظاتك عليه ونبقى نتكلم الصبح، قلت له لا مش هينفع وأنا باضحك عشان عايزه يسمع مني أنا الملاحظات، قال لي جرى إيه يا عم علي يعني ما فيهاش حاجة، فسبت له السيناريو، المهم عدى يومين وما كلمنيش، قلت بس زمانه قال للمنتج أنا مش عايز علي عبد الخالق مع إن الكلام اللي كتبته ما كانش قاسي أوي، لكن برضه عشان باعتز بيه، كلمته وقلت له هل قريت؟ قال لي: آه قريت، قلت له طيب إيه رأيك في الملاحظات، قال لي: كلها صح ولازم تتعمل، لكن الفيلم ما اتعملش في الآخر لظروف التوزيع، مع إنه مكتوب حلو وشخصياته حلوة وكان داخل مراحل التنفيذ، والحقيقة عندي أفلام كتير حصل لها كده، يعني عدد الأفلام اللي ما عملتوش أكتر من اللي عملته إما بسبب مشاكل إنتاجية، أو أحيانا أعتذر بعد شغل سنتين في الفيلم لإني أحس إن شكله النهائي مش عاجبني.
...
نكمل غداً بإذن الله.