29 ديسمبر 2019
حول يوسف زيدان وصلاح الدين
المواقف في العالم العربي، حول قصَّة صلاح الدين، وإثارتها من قبل يوسف زيدان شيء مُخيِّب للآمال. وغالبيّتها تندرج في إطار الصراع الطائفي السني ـ الشيعي الدائر الآن. نادرٌ هو النقاش العقلاني التاريخي حول حكم صلاح الدين كرجل عسكري وسياسي توسُّعي، يريد أن يبني إمبراطوريّة مجيدة، مثله مثل غيره من الأباطرة والسلاطين في التاريخ البشري. إمّا اتهامه بـ"الداعشيَّة"، وجعله منبتاً شريراً للإسلام السني (وخصوصاً من الأقليات)، أو تقديسه وتأليهه وتكذيب حقائق تاريخيَّة (خصوصاً من الأكثرية السنية)، وهي مُثبتة طبعاً، حول الحروب التي شنّها على الشيعة والعلويين والفاطميين. ولديك بعض الأكراد الذين انتفضوا دفاعاً عن جثة الرجل، لأنّه من أصول كرديّة، وكأنّ صلاح الدين بنى دولة كردستان.
غير ذلك، هنالك من يتعامل مع التاريخ دون مراعاة الانقطاعات وتاريخ تولّد الأفكار والقيم. يعني، التنبّه لمسألة أن الاستبداد السياسي هي ظاهرة حديثة. ولا تستطيع أن تقول عن صلاح الدين إنه مستبد، وكأنّ جنكيز خان استلم سلطته بالاقتراع الديمقراطي المباشر، أو أنّ الإسكندر المقدوني هو مؤسس الديمقراطيّة الليبراليّة. الحكم اعتماداً على منظومة قيميَّة فكريَّة حديثة ضدّ شخصيات تاريخيّة أو سياسيَّة لم يكن شرطها التاريخي مولّداً لتلك القيم، هو أمرٌ، على الأقل، لا يساعد على فهم التاريخ.
هذا النقاش حول التاريخ، هو نقاش حول الحاضر. وهذه الالتفاتة العصبيّة نحو شخصيّة تاريخيّة، تدلّ على كارثيّة الأوضاع الآن، والانقسام الاجتماعي الطائفي الشديد. ولكن المؤسف هو النقص العلمي والمنهجي في التعامل مع المسألة الطائفيَّة، في أوساط ناس تعمل على أساس في مجالات الثقافة، لتصبح الطائفيّة صراعاً أبدياً بين جماعات متناحرة، وليست ظاهرة سياسية - اقتصاديّة لها علاقة بالسلطة والثروة والنفوذ.
غير ذلك، هنالك من يتعامل مع التاريخ دون مراعاة الانقطاعات وتاريخ تولّد الأفكار والقيم. يعني، التنبّه لمسألة أن الاستبداد السياسي هي ظاهرة حديثة. ولا تستطيع أن تقول عن صلاح الدين إنه مستبد، وكأنّ جنكيز خان استلم سلطته بالاقتراع الديمقراطي المباشر، أو أنّ الإسكندر المقدوني هو مؤسس الديمقراطيّة الليبراليّة. الحكم اعتماداً على منظومة قيميَّة فكريَّة حديثة ضدّ شخصيات تاريخيّة أو سياسيَّة لم يكن شرطها التاريخي مولّداً لتلك القيم، هو أمرٌ، على الأقل، لا يساعد على فهم التاريخ.
هذا النقاش حول التاريخ، هو نقاش حول الحاضر. وهذه الالتفاتة العصبيّة نحو شخصيّة تاريخيّة، تدلّ على كارثيّة الأوضاع الآن، والانقسام الاجتماعي الطائفي الشديد. ولكن المؤسف هو النقص العلمي والمنهجي في التعامل مع المسألة الطائفيَّة، في أوساط ناس تعمل على أساس في مجالات الثقافة، لتصبح الطائفيّة صراعاً أبدياً بين جماعات متناحرة، وليست ظاهرة سياسية - اقتصاديّة لها علاقة بالسلطة والثروة والنفوذ.
أما كلام يوسف زيدان نفسه حول الماضي، فيعبّر عن رأيه في الحاضر أيضاً. فأن تحقِّرَ جثة رجل مثل صلاح الدين، وأن تسكت عن دكتاتور مثل السيسي، فهذا أيضاً موقف سياسي.