رسائل على حيطان 2020
على حيطان شارع جانبي يقود إلى حديقة جميلة باتت شبه مهجورة تقع تحت (بروكلين بريدج) جسر نيويورك الأشهر، وإلى جوار مقاعد خشبية خاوية على عروشها، قام فنان بديع لا أعرفه بهذه الترجمة البصرية للإكليشيه الشهير المستوحى من رواية صديقنا المشترك جابرييل جارسيا ماركيز:
في شهر أغسطس 2020، حين زرت مدينة مينيابوليس بعد ثلاثة أشهر من جريمة القتل الوحشي التي ارتكبها ضباط شرطة بحق المواطن الأسود جورج فلويد، رأيت على أحد الحيطان القريبة من مسرح الجريمة هذه الرسالة المهمة التي تذكر بتحالف وباء العنصرية مع وباء فيروس كورونا ضد المواطنين الأمريكيين من أصل أفريقي الذين كانت نسبة الوفيات بينهم هي الأعلى في تلك الفترة، ومع أن الوباء استفحل بعد ذلك وطاح في الجميع، إلا أن السؤال الذي طرحه الفنان في لوحته لا يزال قائماً وسيظل:
في حديقة عامة في جنوب مدينة شيكاجو قرر ناشط ذو ميول فنية أن يستغل المساحة المتاحة على صندوق المهملات لكي يترك رسالة تجمع بين شعار حركة (حياة السود مهمة) والتذكير بإجراءات التباعد الاجتماعي لمقاومة فيروس كورونا المستجد:
وعلى بعد خطوات وفي نفق للمشاة، قرر آخر أن يعبر عن قرفه ويكتب كلمة (يَع)، دون أن يحدد هل كتبها اعتراضاً على الفتاة الموجودة في الإعلان، أم على الإعلان نفسه وما يمثله، أم على رائحة البول التي تملأ النفق والعناكب التي تملأ حيطانه بشباكها، أم على أشياء أخرى كثيرة تدور حوله لا يصلح إلا أن نتعامل معها إلا بـ (يَع) وما هو أقل تهذيباً منها:
في حائط من حوائط منطقة (Little Italy) مسقط رأس المخرج العظيم مارتن سكورسيزي، قرر فنان جرافيتي أن يلعن سنسفيل دونالد ترامب ورجاله بطريقته، ليضفي جمالاً على الفوضى التي تحيط برسمه، فوضى تعبر عما عاشته أمريكا في ظل ترامب، وربما لن يبادر أحد إلى إزالة هذه الرسالة التي سيظل وجودها على الحيطان مهماً للتذكير بسنين ترامب الكبيسة:
في أحد شوارع حي سوهو في مانهاتن بمدينة نيويورك أرسل فنان ابن حلال هذه الرسالة المليئة بالأمل والطاقة الإيجابية إلى سكان المدينة: "كن واقعياً وانتظر معجزة"، وهي رسالة لم يقلل من لطفها أن أحداً آخر حاول التذكير بـ "الرعب النووي" الذي يهدد الكوكب، ولا أن أحداً آخر شخبط إلى جوار الصورة "نيويورك ـ رومانسية"، ولا أن المحل الذي رسمت الصورة على جداره اضطره وباء كورونا للإغلاق ورفع لافتة "متاح للإيجار":
داخل مطعم (زووبا) المصري في مانهاتن، قرر مالك المطعم أن يضع على حائط المطعم هذه التوليفة المصرية الخاصة التي تجمع بين محمد صلاح ومحمد منير والأهلي والزمالك وعدد آخر من الإكليشهات المصرية الأصيلة، ومع أنه حرص على أن ينبه زوار المطعم مرتين إلى أن "العمر لحظة والناس مش ملاحظة"، ويذكرهم بحكمة مهمة أخرى هي "ما تصاحبش كلب وترجع تقول عضني"، وبإعلان مبادئ يقرر أنه "وقت المصلحة هتقول يا اخويا هاقولك استنى أسأل أبويا"، إلا أنه لم ينتبه إلى أن وضع عبارة "عبقري في زمن طري" تحت صورة محمد صلاح، قد تعتبر تقليلاً من إنجاز مو صلاح العبقري العابر للأزمنة:
على ألواح خشبية تم وضعها فوق محل كبير مغلق في أحد شوارع مانهاتن، ربما خوفاً من تكسير الزجاج ونهب ما فيه، وبدلاً من الشخبطة قرر مواطن رومانسي لم أقم بتجميع إمضائه أن يكتب رسالة مشفرة لحبيب ما يسأله فيها: "قل لي إيه اللي وحشك فيّا":
وعلى بعد خطوات وفوق لوح خشبي آخر يغطي باباً آخر لنفس المحل، قرر فنان ما أن يرسم الإجابة على ذلك السؤال القريب الذي ربما لم يقرأه، لكنها إجابة تمكنت ببراعة من تلخيص الكثير في وعن عام 2020: