شهر الحرب: الوقت الملغوم
محمد القيق
* يستمر مشهد القصف العنيف وسيتصاعد ويكون الأشرس لهدفين؛ أولهما التغطية على مجريات الغزو البري سواء حرق الأرض أو فاتورة الخسائر، والهدف الثاني الضغط على الكتلة البشرية بالنار للرعب وإيجاد العازل بينها وبين المقاومة.
* منح العرب وقتا إضافيا للمجزرة؛ وهذا الوقت اشترته إسرائيل للمرة الرابعة، والآن حصلت عليه مجانا حتى موعد انعقاد قمة عربية تكون محطة جديدة في رسم الأميركي للخريطة وليست نهاية المشهد الدموي.
* تبدل التكتيك الآن؛ فباتت المقاومة تمسك بزمام الأمور بعد أن كانت إسرائيل المتحكم قبيل الغزو البري، حيث إن تأجيله عدة مرات كان استنزافا وتكتيكا ضد المقاومة بالتزامن مع سياسة السجادة (الأرض المحروقة) المستخدمة بالطيران، وبعد الدخول أصبح هذا التكتيك بيد المقاومة، والاستنزاف والفاتورة يدفعها الجندي، والوقت ملغوم وليس في صالح العملية.
* الخطة السياسية بإقصاء حماس من المشهد فاشلة وأمنيات عربية فقط، لأن إسرائيل تدرك أن هذه السياسة ستفتح أبواب جهنم عليها في كل بقعة، نظرا للنتيجة المتكررة في تجارب دول أخرى بتحول كل أفراد التنظيم المستهدف لعسكريين، وهذا مربك وتحسبه إسرائيل في معادلة الأمن، وليس في معادلة الحقد العربي والتخلص السريع.
* تنامي الغضب الشعبي الدولي وتزايد التأييد لحماس وتصاعد الصوت الرسمي المندد بإسرائيل والمطالب بالحق الفلسطيني وانحسار رواية إسرائيل، وانفضاح الاصطفاف الأميركي، كلها مفرزات واقعية بعد شهر من مذبحة الدم وتزوير المشهد وترهيب العالم، فانقلب السحر على الساحر، الوقت الممنوح أصبح ملغوما وينفجر.
صمود الفلسطينيين واستلام المقاومة زمام الأمور في الغزو البري والميدان، وتفسخ الشارع في "إسرائيل"، نظرا لتناقض الحرب وأهدافها ومدتها وحيثياتها، كلها ملفات تجعل سقف الاحتلال ينزل
* تتركز نظرة الشعوب إلى الأحزاب والمعارضة في الدول العربية بعد عجزها على مدار شهر عن التأثير في القرار السياسي، وبات السؤال في الشارع العربي "لماذا أنا لا أقرر من يحكمني وأنتخب؟ ولماذا إرادتي ليست خطا أحمر؟ وهذا يولد رويدا رويدا ثورة القرن التي عمقتها أحداث فلسطين.
* صمود الفلسطينيين واستلام المقاومة زمام الأمور في الغزو البري والميدان، وتفسّخ الشارع في إسرائيل، نظرا لتناقض الحرب وأهدافها ومدتها وحيثياتها، كلها ملفات تجعل سقف الاحتلال ينزل نزولا مدويا وينزل معه أكثر مخطط العرب في إزالة حماس من الواجهة.
* أولويات أميركا، وتطلعات نتنياهو، وتناقض حكومة الحرب، وكذا الجبهة الشمالية، وحنكة المقاومة اللبنانية في اختيار التوقيت والقرار ومساحة التوسع والجغرافيا، كلها أفسدت الترتيبات وعطلت الخطط وأربكت إسرائيل التي تبحث عن حرب أوسع لتجبر الجميع على خوضها وهي الضحية بمقاساتها، فكان لبنان ذكيا في تجنب غير العسكريين، ومعتبرا أن رد الاحتلال على المدنيين هو الحرب، وهنا تختلف حسابات التحالف والنتيجة والمجريات والمضمون والهدف.
* الوقت المشترى تحول إلى غضب يتنامى وعمليات تتصاعد في الضفة الغربية، ما سيمتد إلى القدس والداخل، في ظل انعدام أفق توقف العدوان، وعدم الحديث عن الحل السياسي الذي يتهرب منه الإسرائيلي، رغم أن الشارع لديه بات ينادي بضرورة أن يكون هناك حل.
المحصلة ستكون غضباً يتنامى في الشارع الإسرائيلي ضد الحكومة، وغضب عربي ضد الأنظمة، ومجزرة مستمرة بحثا عن إنجاز يسجل، وحرب إقليمية تقترب أكثر، نظرا لمأزق تشترك فيه أميركا وإسرائيل، لأن الوقوف هنا في اعتقادهم انتصار واضح المعالم للفلسطينيين، ولذلك استدعاء الحرب يعتبره المهزوم مخرجا، رغم خطورة خوضها في ظل قراءة غير مدروسة للتطورات، ولكنها محاولة هروب من استحقاق إنساني وسياسي وميداني أمام الفلسطينيين والعالم بأسره بحجة محاربة "محور الشر".