صراع الطرق والممرات بين الصين وأميركا
أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في عام 2013، عن إطلاق مشروع عالمي للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية، تحت مسمّى "الحزام والطريق"، وذلك بهدف بناء شبكة اقتصادية، وهياكل أساسية تربط آسيا وأفريقيا بأوروبا، وما وراء ذلك.
في الجهة المقابلة، تحدّث الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال قمة العشرين الأخيرة في نيودلهي، عن خطط لبناء ممر للسكك الحديدية والشحن، يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا. ومن شأن هذا الممر، إن قُيّض له النجاح، أن يساعد في تعزيز التجارة، وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي.
وفيما يخصّ مبادرة الحزام والطريق، فنحن إزاء مشروع يحظى بدعم كبير من الحكومة الصينية، ويشمل شبكة من الطرق والموانِئ والسكك الحديدية التي تغطي ما يقارب 90 دولة.
وتتكوّن المبادرة من اثنين من المسارات، طريق اقتصادي، هو عبارة عن مسار بري يربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى. وطريق بحري، وهو عبارة عن مسار بحري يربط الصين بقارات أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية.
وتشمل مبادرة الحزام والطريق العديد من المجالات، مثل مشاريع البنية التحتية المتعلّقة ببناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، ومشاريع الطاقة مثل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية، والاتصالات عن طريق توصيل الكابلات البحرية وشبكات الإنترنت، إضافة إلى إنشاء الواجهات السياحية الجديدة وتطوير البنية التحتية السياحية، وإنشاء الجامعات والمراكز البحثية الجديدة، ودعم التعاون في مجال التعليم والأبحاث العلمية...
يرى البعض أنّ الصين تسعى من خلال مشروعها "الحزام والطريق" إلى إسقاط الهيمنة الأميركية على العالم، بينما يهدف المشروع الذي تدعمه أميركا إلى منافسة واضحة لمشروع الصين
وعلى الرغم من كلّ ما سبق، ثمّة مخاوف لدى بعض الدول بشأن هذا المشروع، كاحتمال أن يؤدي إلى زيادة أعباء ديون الدول المشاركة فيه لصالح الصين، أو انتشار النفوذ الصيني في العالم. ومن المهم أنّ نضع في الاعتبار أنّ مبادرة الحزام والطريق هي مبادرة طويلة الأمد.
أما فيما يخصّ الممرّ الاقتصادي بين الهند وأوروبا، فهو سيمتد عبر بحر العرب، من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يعبر المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل قبل أن يصل إلى أوروبا عبر إيطاليا، ثمّ فرنسا وألمانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي.
ويتكوّن المشروع من ممرين رئيسيين، ممرّ من الهند إلى الخليج العربي، وآخر من الخليج العربي إلى أوروبا.
وسيشمل المشروع أيضاً كابلاً بحرياً جديداً، وبنية تحتية لنقل الطاقة. كما يهدف إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع، ويسعى لتطوير موانئ بحرية في الهند والشرق الأوسط، يمكن أن تستوعب سفن الحاويات الكبيرة. إضافة إلى إنشاء خطوط أنابيب وكابلات لنقل الطاقة والبيانات بين الهند وأوروبا.
يعتقد العديد من الخبراء أنّ هذا المشروع له قدرة على إحداث تحوّل كبير في الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه في غضون 10 إلى 15 عاماً.
والخلاصة، أنّ هناك عدّة دول متضرّرة من مشروع الممرّ الاقتصادي الجديد كدول وسط آسيا وغربها، والتي تُعدّ جزءاً من مشروع الحزام والطريق، إضافة للصين.
كما أنّ تركيا ستتضرّر منه، كونها تخطّط لأن تكون عقدة تجارية دولية. ولعلّ مصر قد تكون أكبر المتضررين، كون المشروع في حال تنفيذه، سيؤثر سلباً على قناة السويس.
وبالطبع، هناك تحديات أمام المشروعين، تتعلّق بالأوضاع السياسية في كلّ بلد، ناهيك عن الحروب والأزمات الاقتصادية، ومدى أمان الدول التي سيمرّ عبرها كلّ مشروع.
ويرى خبراء أنّ الصين تسعى من خلال مشروعها إلى "إسقاط الهيمنة الأميركية بشكل سلمي"، بينما يهدف المشروع الذي تدعمه الولايات المتحدة الأميركية، إلى منافسة واضحة لمبادرة الحزام والطريق الصينية. فهل تنجح بكين وواشنطن في سعيهما؟