فلسطين والغرب غير المثقف
عبد السلام المساتي
هي أشياء كثيرة كُشف عنها اللثام أخيرا، بسبب العدوان الإسرائيلي على أهالي غزة هذه الأيام، ليس من بينها النكوص العربي، ولا جبن من نصبناهم حكّاما على أمتنا، فهذه حقائق ثابتة اعتدناها عند كلّ النكبات التي مرّت بها فلسطين.
أقول إنّ ما كُشف عنه اللثام هذه المرّة، هو جهل الإنسان الأوروبي والأميركي بالتاريخ، وهو جهل صادم في نظرنا، لأنّنا لطالما توهّمنا الغرب كأمة قارئة تلتهم الكتب قبيل النوم، في محطات القطارات، على متن الطائرات، وسط الحدائق، في قاعات الانتظار… ثم اكتشفنا أنّها مجرّد صور وهمية سُوّقت لنا على أنها الحقيقة.
فالجهل الذي أبان عنه المواطن الغربي بتاريخ القضية الفلسطينية يثير الكثير من السخرية والصدمة. وأنا هنا لا أقصد الإعلاميين ولا السياسيين، فهؤلاء تُقاس رؤاهم بمعايير مختلفة، يتداخل فيها ما هو سياسي/ اقتصادي بما هو ثقافي هُويّاتي.
نعم، إنّ الدول الغربية كانت، ولا تزال، تتحيّز بشكل واضح نحو الرواية الإسرائيلية، ثم تبدي القليل من التعاطف الكاذب نحو الفلسطينيين. وهو طبعا ما يفسّر بسطوة المصالح الاستراتيجية والاقتصادية بين هذه الدول وإسرائيل. لذلك يصعب على الغرب أن يخاطر بمصالحه الاقتصادية في سبيل الجهر بحقيقة التاريخ وأحقية فلسطين في أرضها. إلا أنّ هذه المصالح لا تعني المواطن الغربي العادي، لذلك فجهله غير مرتبط بها بقدر ما هو مرتبط بنوع من الكسل الذاتي الذي وجده إعلامهم فرصة ليعبئ عقول هؤلاء المواطنين بما شاء، ولكن وفق رواية الدولة.
يصعب على الغرب أن يخاطر بمصالحه الاقتصادية في سبيل الجهر بحقيقة التاريخ وأحقية فلسطين في أرضها
هذا الإعلام الغربي يستند في أغلب تقاريره وأخباره، المرتبطة بالقضية الفلسطينية، إلى المصادر الإسرائيلية البحتة، ما يعني تزييف مطلق لتاريخ القضية.
ما نقصده هو أنّ هذا التحامل الغربي الملطِّخ لوسائل التواصل الاجتماعي، والمجسّد في عدوانية بعض المواطنين الأوروبيين والأميركيين تجاه المظاهرات السلمية الداعمة لفلسطين، له ما يبرّره والمختصر في الجهل والتجهيل. لذلك، وبعد إدراك بعض المثقفين العرب لهذا الجهل الغربي، لجأ بعضهم لبعض وسائل الإعلام الغربية المتزنة نسبياً في محاولة لتثقيف ذلك المواطن الغربي غير المثقف. وهو ما سار عليه بعض النشطاء من خلال نشر تدويناتهم حول فلسطين بالإنكليزية، لعلها تحدث بعض النور في سواد العقل الغربي.
ختاماً، ندرك جيدا أنّ جهل المواطن الغربي بالقضية الفلسطينية ليس قضية فردية، بقدر ما هو نتاج لتراكم المغالطات التي كان وما زال الإعلام ينشرها، وبدعم مطلق من الدول الغربية التي تسعى للحفاظ على توازن مصالحها مع إسرائيل.