لبنان يفوز بكأس بطولة التأجيل!
وكما هو متوّقع قتل سُم التأجيل مصير الانتخابات البلدية في لبنان التي كانت مقرّرة في مايو/أيار المقبل، بعد حفلة المماطلة والمراوغة التي استمرت شهراً من قبل الأطراف السياسية، وانضمّ الاستحقاق البلدي إلى قطار الاستحقاقات المؤجّلة عمداً.
وبالرغم من أهمية إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، خاصة في ظلّ الفراغ الرئاسي ووجود حكومة مستقيلة تُصرّف الحد الأدنى من الأعمال، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية والمالية المنهارة، والفوضى الاجتماعية والأمنية الحاصلة، إلاّ أنّ منظومة السلطة الفاشلة والعاجزة أبت إلاّ أن تمارس عماد سياستها الدائمة في الاستحقاق البلدي أيضاً (التأجيل)، وتعمّد بعض الوزراء والنواب المعنيين عدم حضور جلسة اللجان النيابية المشتركة المخصّصّة لبحث بند الانتخابات البلدية، بالرغم من دعوة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، بسام المولوي، إلى الاستعداد لانتخاب هيئات محلية جديدة في الشهر ذاته، وتحديد موعد إجراء الانتخابات، الأمر الذي دفع نائب رئيس مجلس النواب، إلياس بوصعب، إلى الإعلان أنّ إجراء الانتخابات بات شبه مستحيل وتقدّم بمشروع قانون إلى مجلس النواب لتمديد مجالس البلدية والاختيارية لمدة 4 أشهر، مما استدعى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى دعوة المجلس إلى جلسة تشريعية لمناقشة مسألة تأجيل الانتخابات، وهو ما أضاف مواجهة وخلافاً جديداً بين الكتل النيابية والسياسية حول شرعية هذه الجلسة في ظلّ الشغور الرئاسي وتحوّل المجلس إلى هيئة ناخبة، وهو ما يؤكّد أنّ كلّ ما يجري ليس إلاّ مسرحية بين القوى السياسية الكبرى المتفقة سلفاً على التأجيل.
لبنان ذاهب نحو المزيد من تفكّك مؤسسات الدولة وأوصالها، ونحو مزيد من الانهيار
فعلياً، إنّ القوى السياسية التي تسعى لتأجيل الانتخابات، والتي باتت معروفة لدى الجميع خوفاً من خسارتها في ظلّ تحميلها مسؤولية الأزمة التي وصل إليها البلد، تتلطّى اليوم خلف الحجج المالية واللوجستية التي تعتبر أنّها تحول دون إجراء الانتخابات خاصة في ظلّ إضراب موظفي الإدارة العامة، والعاملين في القطاع التربوي، في محاولة لإيجاد مخرج مناسب لتطيير الانتخابات وتأجيلها، وهنا يطرح بعضهم سؤالاً مشروعاً: هل ستكتفي تلك القوى بأربعة أشهر؟ أم أنّ التعطيل سيمتدّ إلى ما شاء الله؟
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أنّ التمديد للمجالس الموجودة، يحتاج إلى قانون يقرّ من قبل المجلس النيابي، وهذه الإشكالية التي تحدّثنا عنها سابقاً في ظلّ رفض بعض الكتل المشاركة في الجلسة التشريعية في ظلّ الفراغ أو الشغور الرئاسي، إلاّ أنّ الأخطر من ذلك هو انتهاء ولاية المخاتير وعدم وجود أي بند في القانون يسمح لأحد أنّ يحلّ محل المختار، وبالتالي فإنّ تأجيل الانتخابات سيخلق شغوراً جديداً في موقع "المخترة" في البلدات والمدن، وهذا ما خلق زحمة لدى مكاتب المخاتير في الأيام الأخيرة خشية من توّقف المعاملات الرسمية الضرورية، الأمر الذي دفع المواطنين اللبنانيين إلى التعجيل بمعاملاتهم التي تحتاج إلى إمضاء المخاتير، كإخراجات القيد وجوازات السفر وإفادات السكن وما إلى ذلك.
إذاً، يبدو أنّ البلد ذاهب نحو المزيد من تفكّك مؤسسات الدولة وأوصالها، ونحو مزيد من الانهيار، وهنا نقول لكم "أهلاّ بكم في لبنان... بَطَلُ التأجيل والتعطيل!!"