يحدث في أميركا فقط (8)
في بابها الأسبوعي (فقط في أميركا) الذي ينشر في كل أسبوع الأخبار التي لا تسلط عليها وسائل الإعلام الضوء الكافي برغم غرابتها ودلالاتها، نشرت مجلة (The Week) في طبعتها الأميركية الأخبار التالية والتي يمكن أن يحدث بعضها في غير أميركا، لكن اختيار العنوان نفسه له دلالة تتعلق بالتصورات الشائعة لدى أغلب الأميركيين عن بلادهم وكيف يجب أن يكون عليه شكل الحياة فيها، أترككم مع مجموعة جديدة من تلك الأخبار:
ـ إذا كنت تعتقد أن مهزلة رفض الحصول على لقاح ضد فيروس كوفيد 19 قد جاءت بآخرها، فأنت لم تسمع بعد بالدعوات التي يتبناها بعض رافضي اللقاح وناشري المؤامرات ضده، والتي تحث على أهمية حدوث تباعد اجتماعي مع الذين حصلوا على اللقاح لكيلا تنتقل منهم أي "عدوى لقاحية مضرة بالصحة". كنت أتمنى أن يكون هذا الكلام مجرد تشنيعة أو "هزاراية" يتناقلها البعض على صفحات الإنترنت، لكن المؤسف أنها تنتشر بقوة على أيدي بعض ناشري نظريات المؤامرات ومنهم أطباء مثل طبيب الأطفال المقيم في نيويورك لاري باليفسكي الذين يزعمون أن من يحصل على اللقاح تكون نسبة البروتينات لديه عالية لدرجة أنه يمكن أن ينقلها إلى الآخرين الذين لم يحصلوا اللقاح فيسبب لهم الإجهاض والعقم، لدرجة أن الطبيب المعتوه وجّه لمتابعيه على الإنترنت نداءً يطالبهم بضرورة الدعوة إلى أن يرتدي الحاصلون على اللقاح شارات على أذرعهم لكي يتمكن رافضو اللقاح من تمييزهم وعدم الاقتراب منهم.
ـ في الوقت الذي تتصاعد فيه دعوات التقليل من استهلاك الوقود الأحفوري كالنفط والفحم واللجوء إلى مصادر طاقة بديلة تساعد على تقليل آثار الاحتباس الحراري في العالم والتي تظهر آثارها الخطيرة كل يوم، قرر أحد المشرعين الجمهوريين في ولاية لويزيانا بجنوب أميركا أن يتبنى مشروع قانون يدعو إلى جعل ولاية لويزيانا ملاذاً آمناً للوقود الأحفوري في أميركا، ويمنع القانون المقترح أي مسؤول أو موظف عام أو خاص في الولاية من تطبيق أو فرض أي قانون بيئي فيدرالي أو أي إجراء إداري أو أي سياسة ضريبية يمكن أن تؤثر على صناعة النفط في الولاية. لن تندهش حين تعرف أن داني ماكورميك الذي تبنى القانون يعمل مديراً تنفيذياً في شركة نفط. وحين سألته وسائل الإعلام ما إذا كان قد تحرى عن دستورية مشروع القانون قبل تبنيه، أجاب قائلاً: "بصراحة لا أعرف من يمكن أن يكون لديه مشكلة مع مشروع قانون كهذا".
ـ تم فصل مساعد مدرب لكرة القدم الأميركية في فرع جامعة تينيسي الكائن بمدينة شاتانوجا، لأنه كتب تغريدة يسخر فيها من وزن ولون الناشطة السوداء ستيسي إبرامز التي لمعت في السنوات الأخيرة بسبب دورها الرائع في الدفاع عن حقوق السود الانتخابية وكانت سبباً في النتائج التاريخية التي حققها جو بايدن في الانتخابات الأخيرة في ولاية جورجيا الجنوبية. كان مساعد المدرب كريس مالون قد وصف ستيسي بأنها Fat Albert أو "ألبرت السمين" في إشارة غير بريئة إلى شخصية كوميدية كان قد ابتكرها الكوميدي الأميركي الأسود بيل كوسبي، ومع أنه قام بحذف التغريدة بعد فترة من نشرها إلا أنه تعرض للفصل بعد أن أثارت التغريدة الكثير من الاعتراضات. قرر مساعد المدرب رفع دعوى قضائية على الجامعة وقال محاميه في تصريحات صحفية إن الجامعة مؤسسة عامة ولا يمكن أن تعاقب أحد موظفيها بسبب آرائه السياسية، وأن السخرية من الوزن الزائد أمر غير لطيف لكنه أصبح استخداما شائعا في الخطاب السياسي الأميركي، "حتى اسألوا دونالد ترامب وكريس كريستي"، في إشارة إلى سخرية الكثير من الديمقراطيين من الوزن الزائد للرئيس الأميركي السابق وحاكم ولاية نيوجرسي السابق الجمهوريين.
ـ في مدينة شانهاسن بولاية مينيسوتا في الغرب الأوسط أعلنت إحدى الفرق المسرحية المتخصصة في مسرحيات الأطفال والعائلات عن إلغائها لعرض مسرحية (سندريلا) الذي كانت تقوم بالإعداد له خلال الفترة الماضية، وذلك لعدم قدرتها على اختيار فنانين غير بيض في العرض، وهو ما اعتبرته الفرقة فشلاً في الإيفاء بالتزامها لجمهورها بأهمية وجود تعددية عرقية في إنتاجاتها الفنية، لدعم التنوع والمساواة.
ـ تلقت إدارة الطيران الفيدرالي الأميركي شكاوى ضد طيار في شركة طيران Southwest لأنه قام خلال قيادته للطيارة بتوجيه إهانات لسكان مدينة سان فرانسيسكو التي وصفها الطيار بالمدينة الليبرالية ووصف سكانها بأنهم غريبو الأطوار يتجولون في سياراتهم الهيونداي اللعينة ولا يمتلكون في المدينة كلها أكثر من ثماني أسلحة نارية، ثم قال في ميكروفون كابينة القيادة دون أن يأخذ باله من أنه مفتوح: "fuck this place”، وهو تصرف اعتبره الذين اشتكوا يثير القلق بشأن سلامة قواه النفسية، وهو ما تحقق إدارة الطيران الفيدرالية فيه الآن.
ـ في سان فرانسيسكو نفسها قام العديد من الأهالي ومسئولي المدينة بدعوة أليسون كولينز نائبة رئيس مجلس إدارة مدارس المدينة للاستقالة بسبب إعادة ظهور تغريدات كتبها في عام 2016 تقول فيها إن الأميركيين من أصل آسيوي يستفيدون من طريقة تفكير المؤمنين بتفوق العرق الأبيض ويستخدمونها لكي يتقدموا في المجتمع الأميركي، أليسون كولينز اعتذرت عن التغريدات وقالت إنها أخرجت عن سياقها لكنها لم تستجب لمن يطالبونها بالاستقالة.
ـ بعد أن تم التصويت لصالح قرار تاريخي في ولاية تينيسي يقضي بإزالة تمثال نصفي لناثان بيدفورد فوريست مؤسس حركة كلو كلوكس كلان العنصرية من مبنى المجلس التشريعي للولاية، قام المجلس التشريعي للولاية والذي يسيطر عليه الجمهوريون بإبطال مفعول القرار التاريخي الذي مثل ضربة قاسية للعنصريين ومؤيدي تفوق العرق الأبيض في الولاية والذين يعتبرون فوريست تاجر العبيد بطلاً قومياً لهم، لكن النواب الجمهوريين الذين أبطلوا القرار الذي صوت عليه ناخبو الولاية، قرروا أن يخفوا تحيزهم لمؤسس الحركة العنصرية، بالحديث عن أهمية عدم الانصياع لثقافة الإلغاء التي تسود المجتمع الأميركي، مما يعني ضرورة الإبقاء على جميع التماثيل والصور الموجودة في مبنى المجلس التشريعي.
ـ في ولاية ميشيجن ثار نزاع قضائي بين اثنين من المزارعين لأن أحدهما قام ببناء سور حول أرضه يبلغ طوله 250 قدم، وليست المشكلة في طول السور، بل في أنه مبني من روث البقر، وهو ما أحدث رائحة كريهة ومنتنة جعلت حياة الجار غير محتملة، لكن باني السور الخرائي استغرب غضب جاره وقال إن السور الذي بناه مكون من "سماد عضوي طبيعي".
ـ بعد "نضال" طويل قرر المجلس التشريعي لولاية ألاباما الجنوبية تخفيف الحظر الذي كان قد فرضه على ممارسة اليوجا في مدارس الولاية، والذي كان يستند إلى شكاوى أولياء الأمور المسيحيين من قيام أبنائهم بممارسة طقس هندوسي، لكن عضو المجلس المنتمي للحزب الديمقراطي جيريمي جراي أقنع زملائه الجمهوريين أن ممارسة التنفس المنتظم وفرد العضلات يمكن أن تكون له منافع صحية للتلاميذ بغض النظر عن ديانتهم، لكن زملاءه الجمهوريين كان لديهم حدود للتنازل عن مبادئهم المسيحية الصلبة، ولذلك قرروا استمرار حظر ترديد الأساتذة والطلاب لكلمة namaste الهندوسية قبل ممارسة طقوس اليوجا، ولأنني لا أعرف مرادفاً هندياً للشخرة الاسكندراني، سأترك لك التعليق.