يقيم غاليري المشربية في القاهرة حالياً معرضاً تحت عنوان "انتصار الغريزة على التاريخ" يضم تجارب أربعة فنانين مصريين هم شيماء محمود، إبراهيم البديري، سامي البلشي وياسر جاد.
على الرغم من اختلاف التجارب الأربع عن بعضها، لكن المشتركات بينها كثيرة أيضاً، وربما يكون الملمح الأبرز بينها التأثر الواضح بالثقافة الشعبية المصرية وألوانها وبفكرة الازدحام الذي يعد سمة من سمات المكان في مصر.
كما أن معظم الأعمال تصور المرأة المصرية، في حالات مختلفة ومن طبقات مختلفة بالثياب الشعبية الفلكلورية والأزياء العصرية، في العمل وفي البيت وفي الشارع.
الألوان كذلك تبدو وكأنها من نفس المنبع، ثمة غنى وحيوية وتعدد وميل إلى التلقائية في التجسيد أقرب ما تكون إلى المدرسة الفطرية وأسلوبها وخطوطها.
ترسم شيماء محمود في لوحاتها مجموعة من النساء كما لو أنهن يتأهبن لالتقاط صورة لهن، النظر مباشرة إلى المتلقي، واللقطة التي تأخذها الفنانة لشخصياتها أقرب ما تكون إلى المسرحية أو كأنها مشروع ملصق لفيلم أو عرض أدائي.
الألوان حارة جداً، والنساء المرسومات بشعور زرقاء وحمراء وخضراء يظهرن وكأنهن قادمات من عالم ثانٍ، لا مرئي لنا، وأن محمود تحاول أن تجعله مرئياً.
أما الفنان إبراهيم البريدي فقط ابتكر طريقة الرسم بتقنية "المرج خيط"، وهي لوحات من بقايا الأقمشة، وتتميز أعماله بالتصور الطفولي للعالم، والروح الشعبية وهذا يجعل الشخصيات المجسدة تبدو وكأنها قادمة من مسرح العرائي التقليدي، مرحة وساخرة في ما هو أقرب إلى فن الكاريكاتير حيث أن البريدي في الأصل رسام كاريكاتير.
من جهته، فإن أعمال الفنان المصري سامي البلشي كلها تدور في الريف، حيث المرأة الفلاحة تعمل داخل وخارج البيت، في الحقل والأرض والفلاحة وفي الأعمال المنزلية، إنها دائماً بثوب طويل بألوان زاهية كالأصفر والأزرق تعجن أو تخبز أو تحمل الخضار على رأسها أو على كتفها طفلها، إنها منهمكة بالعمل من أجل العائلة، بعكس النساء في أعمال شيماء محمود، ترسمهن في حالة من الرفاهية والكسل.
النساء أيضاً هن بطلات أعمال الفنان ياسر جاد، صحيح أنهن أرستقراطيات، لكن ملامح الوجوه قريبة من البيئة الشعبية لا يخفيها عقد اللؤلؤ والأقراط ولا الفساتين الأنيقة، أحياناً يرسم ثلاث فتيات متشابهات كأنهن من آخر أو من فيلم من أفلام الأسود والأبيض بتسريحة الشعر والزينة والملابس الرترو.
يبدو أن الموضوع المشترك بين كل التجارب المشاركة في المعرض هو حالات المرأة، في مصر، من طبقات وبيئات مختلفة، المشترك والمختلف بين النساء، وعلاقتهن بالمحيط وبأنفسهن.