تحوّلات كثيرة عرفتها الفلسفة في العقود الأخيرة، ومنها الانتقال إلى مناطق بحث لم تقترب منها لقرون، حتى أننا نكاد نقف على نزعة لوضع كتاب فلسفة حول كل شيء في العالم، ويمكننا أن نضع كتاب "فلسفة الثقة" من تحرير بول فوكنر وتوماس سبمسون في هذا السياق.
بترجمة مصطفى سمير عبد الرحيم، صدرت مؤخراً النسخة العربية من الكتاب في طبعة مشتركة بين "دار ابن النديم" و"الروافد الثقافية"، وهي ترجمة يمكن القول أنها تأتي لتتناول موضوعاً لم يُكتب عنه بالضاد من قبل.
صدر الكتاب أوّل مرة بالإنكليزية في عام 2017 عن "منشورات جامعة أكسفورد"، ويَذكر المترجم أن هذا العمل يمثّل اليوم مرجعاً في اختصاصه، مؤشّراً على ذلك من خلال التذكير أن منشورات "روتلج" المعروفة ببحثها عن الموسوعية قد نشرت كتاباً في نفس الموضوع العام الماضي، تحت إشراف الباحثة جوديث سايمون، ومثّل كتاب "فلسفة الثقة" أهم مرجع رغم حداثة إصداره.
يشير عبد الرحيم أيضاً أن هذا الكتاب بمثابة استكمال لكتاب "الثقة والأخلاق والعقل البشري" لأولي لاغرسبيتز من حيث تناوله رؤية فيتغنشتاين للثقة المعارِضة للرؤى السائدة، وهو عمل قام بترجمته إلى العربية أيضاً.
في الطبعة العربية، يضيف المترجم ملحقاً يتضمّن بحثاً من منظور فلسفي ثقة النبي إبراهيم وإيمانه بربه أثناء اختباره بذبح ابنه عليه السلام. يقول عن ذلك: "قد وجدت هذه المساهمة من أفضل المساهمات في باب الثقة الدينية التي أعتبرها تمثل البعد الثالث في مبحث الثقة بعد بُعدي القراءة السائدة والمعارضة".