علاقة بيروت مع معارض الكُتب هذا العام متوزِّعة على أكثر من جهة مُنظِّمة، ربّما بسبب الأزمة التي يعيشها البلد بأسره، وبسبب معرفة تلك الجِهات، على تنوّعها، أنّ جمهور القرّاء بحاجة لمزيد من الأنشطة الثقافية التي تعوّضه عن خسارات يُواجهها على أصعدة حياتية أُخرى.
وبما أننا بتنا أمام "قائمة مَعارض" في العاصمة اللبنانية، فإن السؤال يفرض نفسه: هل هذه الكَثرة حَميدةٌ بالفعل، وما مدى الأثر الذي يتركه معرض أو تظاهرة لا تستطيع أن تكسر تعريفات الكُتب وأسعارها؟ وهل هي عمومية حقّاً أم أنّها موجّهة لأصحاب دُور النشر كي يجدوا منفذاً لبيع منتجاتهم، أو الضيوف الأجانب من سيّاح الثقافة؟ هذا هو التحدّي الذي تُقلقُ نتائجُه منظّمي أي معرض أو تظاهرة في المدينة.
في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، عقد "المركز الثقافي الفرنسي" في بيروت مؤتمراً صحافياً حدّد فيه موعد "المهرجان الدولي والفرنكوفوني للكتاب في بيروت" في فترة تمتدّ من 19 تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري حتّى نهاية الشهر، وذلك بعد أربع سنوات على آخر معرض للكتاب الفرنكوفوني شهدته البلاد؛ في محاولة من المنظّمين لإعادة الاعتبار لمكانة الكتاب، والكتاب الموضوع بالفرنسية تحديداً، في مدينة تبقى مركزاً حيوياً للقِطاع الثقافي، رغم الأعباء والظروف.
سيُعلن، من بيروت، عن أسماء المرشّحين الأربعة لـ"جائزة غونكور"
ومن المنتظر أن يشارك في المهرجان ضيوفٌ من 18 دولة، مثل الجزائر، وتونس، وتوغو، واليابان، والسنغال، وكندا، وسويسرا، وبلجيكا. وستتوزّع الفعاليات على أكثر من 40 فضاءً ثقافياً تُغطّي مناطق مختلفة في البلد، وهنا يمكنُ التماس شيءٍ من السعي إلى كسر المركزية التي تختزلها العاصمة، وما تحتاجُه بقيّة المُدن والبلدات البعيدة من انفتاح أكبر على مثل هذه الأنشطة.
من جهة ثانية، لا تقتصر التظاهرة على المُشتغلين في المجالات الثقافية، بل تحاول التوجّه إلى طلّاب المدارس والجامعات والقطاع التعليمي من خلال إقامة ورشات للكتابة والرسم، وندوات وعروض للأفلام والرسوم المتحرّكة.
إلّا أنّ الفعالية الرئيسية في المهرجان تتمثّل في معرض "كتُب بيروت"، الذي يشارك فيه أكثر من 110 كتّاب يؤلّفون بالفرنسية، مثل التونسية فوزية الزّواري، والفرنسيين فابيان تولمي، وماري داريوسيك، وكلارا دوبون مونو، وسيرج بلوش وآخرين، إلى جانب مشاركة أعضاء من "أكاديمية غونكور" الذين سيجتمعون في نقاشات مع كُتّاب لبنانيّين مثل: شريف مجدلاني، وديان مظلوم، وسبيل غصّوب، وهيام يارد.
ومِن قلب بيروت، سيكشف أعضاء الأكاديمية عن أسماء المرشّحين الأربعة النهائيّين لـ"جائزة غونكور" لهذا العام. ولمّا كان المهرجان ثنائيّ اللغة، بين الفرنسية والعربية، فللترجمة حضور في برنامجه، ليس فقط من خلال الترجمة الفورية لمداخلات المتحدّثين، بل أيضاً من خلال التفكير في الترجمة وتحليل موقع المترجِم ودوره الوظيفي، وهذا ما تتناوله الندوة التي تجمع (يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، في "مترو المدينة") الباحثة الفرنسية باربرا كاسان، والمؤلّف السنغالي سليمان بشير ديان.