من المثير للقلق، ناهيك عن المبالاة، أن هناك حديثاً عن الأنثروبوسين، والإيكولوجيا، والواقع الافتراضي، والسينما، والحرب النووية القادمة، مهمّا تأخرت، في غرفة بمساحة مترين بمترين، وبها تسعة لاجئين يدخنون ويتناولون عصير ليمون صناعياً.
ومع ذلك، كانت النتيجة رائعة: هناك رغبات محبّبة لأبو سميحة واللطخ وأبو شَمَمْ وأبو أحمد حلب وسواهم، في الهروب من البر الفلماني للبر الألماني.
وهناك أمل أن يجمعهم الله في مخيم واحد على تلك الأرض المستكشفة حديثاً، كي يواصلوا ما ألفوه من عِشرة هنا، لا تهون إلا عند أولاد الحرام.
لذا، حتى لو كانت الشخصية التي تجلس بينهم الآن غير مريحة، وتستخدم السكوتر للفشخرة (ثمنه 850 يورو، وفّرتها تلك الشخصية من العمل الشاق في حمامات البندورة)، فإن هذا لا يجعلهم إلا متسامحين. كما أن ثرثرة أبو العبد اللطخ، المستنيرة (التي سمحت له بالتنكر على أنه دكتور أكاديمي في جامعة بيرزيت وعقيد في قوى الأمن)، لم تلحق بهم غضاضة، فنحن جميعاً غلابة، بسكوتر أو بدونه، والجرح المفتوح واحد.
والحق أن كل شيء غني اليوم، ومتناغم ومنسجم مع بعضه، حتى لو شاب أحد الجالسين القلقُ، ناهيك عن المبالاة من أن هناك حديثًا عن الأنثروبوسين، والإيكولوجيا، والواقع الافتراضي، والسينما، والحرب النووية القادمة، مهما تأخرت، في غرفة بمساحة مترين بمترين وبها تسعة لاجئين يدخنون ويتناولون عصير ليمون صناعياً.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا