ما إن تدلف إلى معرض الفنان المغربي أحمد العمراني في غاليري "كنت" في طنجة حتى يواجهك باب أزرق مهيب رسمه الفنان في لوحة، باب كان يغلق في المساء ويفتح في الصباح كعلامة لحماية أهل المكان. يرسم العمراني باباً قديماً لأن هذه طريقته في وضع علامة على مدينة طفولته تطوان.
تكشف أعمال العمراني (1942) التي يحتضنها المعرض، عن تجذر مخيلة الفنان في تفاصيل بصرية تقليدية تنتمي إلى التراث المغربي، رموز وزخارف ونقوش وألوان وطبيعة ونساء.
كان العمراني من أوائل الطلاب المغاربة الذين أكملوا تدريبهم المهني في معهد الفنون الجميلة في تطوان، ومنذ بداياته ظل يوظف التفاصيل المغربية والأفريقية في كل مراحل تجربته المتواصلة.
معرض غاليري "كنت" المعنون "حميمية" يأتي بمثابة استعادة لمراحل مختلفة من تجربته التي بدأت تُعرف في الستينيات، حيث يضم ثلاثين لوحة أقدمها تعود إلى عام 1967.
ثمة أمور مشتركة بين اللوحات بلا شك مثل موضوع الرجل والمرأة والحميمية بينهما، لكنها تكشف أيضاً عن تجريب الفنان المستمر في التقنية وعوالم اللون، الرسم قد يكون على الورق والخشب أو طباعة رقمية على الورق الياباني أو قصاً ولصقاً وتركيب أوارق وكولاجات.
اللون الأزرق يكاد يهيمن على تجربة العمراني، فتطوان المفتوحة على الأفق الكبير من السماء والبحر المتوسط، أمدته بهذا الأزرق اللامنتهي بكل تدرجاته وتحولاته.
درس العمراني في البداية في تطوان، قبل أن يغادر إلى إسبانيا حيث سجل في مدرسة الفنون الجميلة في إشبيلية. بعد عام انتقل إلى مدرسة سان فرناندو في مدريد، وانتهى من دراسته فنون الجرافيك في الفن عام 1965، وقد عُرضت أعماله لأول مرة في تطوان عام 1957.