في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين البحوث التاريخية والدراسات السياسية والفلسفية، والترجمات الأدبية، والسيرة.
■ ■ ■
يقع كتاب "على حدود المقدّمات: رؤية ما هو عربي بعيون أُخرى" الصادر عن "مؤسّسة الفكر العربيّ"، من تأليف المُستعرِب والمترجم الإسباني بيدور مارتينيث مونتابيث، وتوقيع المُترجِم سعيد العلَمي، خارج التنميطات والقوالب المعهودة عند تناول قضايا العرب. إذ يرفُضُ المؤلّف (1933 - 2023) أن يُطلقَ على المُستعرِبين لقب "مُستشرِقين"، كما يحاول إقناع مثقّفي بلاده بأنّ العالَم العربيّ هو ثقافةٌ وفكرٌ وفنٌّ وعلومٌ، وليس مجرّد صحراء وجِمال. تحتلّ القضيّة الفلسطينيّة مكانة أساسيّة في مؤلّفات مارتينيث مونتابيث وقد أفرد لها مساحة واسعة في عمله هذا.
صدر كتاب "تجربة الاختفاء الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي: 1967 - 2022" للباحث حسن نعمان الفطافطة عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية". يدرس الكتاب ظاهرة الاختفاء في فلسطين وتقصّيها وتحليلها ويتناولُها من مختلف جوانبها الأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية، عبر كلّ محطّات النضال الوطني المُتعاقبة ضدّ المشروع الصهيوني الجاثم على صدر الفلسطينيّين منذ عشرات السنين، ويضمّ قائمة طويلة بأسماء المُتخفّين الذين كبّدوا الاحتلال خسائر بشريّة ومادّية كبيرة، ساعدهم على ذلك الدعمُ والإسناد التنظيميّان والاحتضان الشعبي لهم.
"الخوف من الرؤية: شِعرية الخيال العِلمي الصيني"، عنوانُ كتاب أستاذ الأدب مينغوي سونغ الذي صدر عن "منشورات جامعة كولومبيا". يستكشف سونغ كيف أدّى الخيال العِلمي إلى إحداث تغييرات كُبرى في الأدب والثقافة المُعاصرة في الصين خلال العقود الثلاثة الأخيرة، على مستوى المضامين الجديدة مثل الاختلافات بين اليوتوبيا والديستوبيا، وما بعد الإنسانية، وثورة الآلة على البشر، ومستقبل الذكاء الاصطناعي والتطوّر التكنولوجي، وخلود الإنسان، وذلك عبر مناقشته نصوصاً لعدد من الكتّاب مثل ليو سيشين، وهان سونغ، وتانغ في، وزاو هايهونغ.
يقترح المُترجِم محمد حمّادي مجموعة من حكايات الشاعر الفارسي أبو القاسم الفردوسي الذي عاش خلال القرن العاشر الميلادي، ويقدّمها في طبعة عربية صدرت عن "منشورات ذات السلاسل"، تحت عنوان "حكايات شعبية من بلاد فارس: من كاموس إلى مقتل رستم". تمتاز هذه المختارات بمحافظتها على النفَس الملحَمي الذي صاغها فيه صاحبُ "شاهنامه"، بالإضافة إلى مركزية العامل الأسطوري في تحريك أبطالها وصوغ أحداثها، رغم أنها في جوهرها لا تبحث في قضايا مُعقّدة، بل تحضُّ قارئها على عادات اجتماعية وأخلاقية مُثلى كالشجاعة والكرَم والوفاء.
عن "مدارات للأبحاث والنشر" صدر كتاب "سِير ورجال: تراجم من وحي الرسالة" للكاتب المصري أحمد حسن الزيَّات (1885 - 1965)، الذي جمع موادّه وقدّم لها أيمن عيسى أحمد. شملت التراجم مجموعة كبيرة من الملوك والسَّاسة، والكُتَّاب والأدباء، والعلماء والمُفكِّرين والمُصلِحين وغيرهم من الأعلام المشَاهير في مصر والعالَم العربيِّ والإسلاميِّ ممّن كانت للزيّات بهم صلةٌ مباشرة أو جَرت بينه وبينهم لقاءات وأحاديث، وقلّة من هذه التَّراجم تتعلّق بشخصيات تراثية مثل صلاح الدين الأيُّوبي، وابن سينا، وأبي محجن الثَّقفي، والمتنبّي.
عن "بيت الحكمة للثقافة" صدر كتابُ "محمود ياسين: حياتي كما عشتُها" للكاتب سيّد محمود سلام. يقدّم العمل سيرة الفنّان المصري (1941 - 2020)، حيث يتحدّث "الفتى الذهبي" إلى الكاتب، ويُفرغ له خِزانة الذاكرة الحافلة بالأحداث؛ فيحكي عن بورسعيد مسقط رأسه، ومرحلة الطفولة، وعلاقته بوالده، وعن "المسرح القومي"، ورمسيس نجيب، وأزمته مع المخرج يوسف شاهين، وعددٍ من تجاربه الفنّية التي لا تزال راسخة في الأذهان، وتُعدّ جزءاً أساسياً من مشهد الحركة المسرحية في البلاد. يقع الكتاب في مئتين واثنتين وعشرين صفحة من القطع المتوسط.
كانت القدِّيسة كاترين وهيباتيا الإسكندرانيّتان أعجوبتَين في الحكمة والشجاعة، إذ تحدَّتا النظام القائم من خلال ممارسة قناعاتهما بأنّ حماية العقل والحرّية والعدالة ضرورة لأيّ حضارة حتى تستحقّ أن يُطلق عليها ذلك. تتأمّل الكاتبة والشاعرة الإسبانية آنا روسيتي في كتابها "نحن جسدٌ مجروح: كاترين وهيباتيا الإسكندرانيّتين" الصادر عن دار "سيرويلا" الإسبانية، في دعوات ومبادئ هاتين المرأتين، وتنسُج تجاربهما مع التطوّر التاريخي لأوّل مدينة عالمية عظيمة، راصدةً بذلك المشهد الاجتماعي والسياسي الذي أدّى إلى نهايتهما المأساوية.
بترجمة عقبة زيدان، صدر عن "دار خيّاط" كتابٌ بعنوان "برتراند راسل عدوُّ القوّة اللاواعية". يضمّ العمل نصوصاً مختارة من كُتب مختلفة للفيلسوف البريطاني (1872 - 1970). يُشير المترجِم، في المقدّمة، إلى أنّ تعبير عداء القوّة اللاواعية يُمثّل تعريفاً للفكر الراسلي الذي "وقفَ في مواجَهة القوى الوحشية التي تُهدّد وجود الإنسان على الأرض"، مُضيفاً: "لم يكن راسل متصالحاً مع عصره، وهذه سمة كلّ مفكّر عظيم. دخل في صراع مع الأيديولوجيات الهدّامة، وكلّ ما من شأنه أن يحطّ من قيمة الإنسان ويُهدر كرامته، ويجعله كائناً مسلوباً".
عن "دار آفاق"، صدر الجزء الرابع والأخير من كتاب "هكذا تكلّم تبريزي: أحاديث الشيخ والمُريد". يجمع العملُ بأجزائه الأربعة كتابات شمس الدين التبريزي وأحاديثه مع جلال الدين الرومي بترجمة مباشرة من الفارسية أنجزتها وقدّمت لها وعلّقت عليها منال اليمني عبد العزيز، والتي تُشير إلى أنّ هذه الأحاديث تكشف عن حقيقة العلاقة بين المتصوّفَين البارزيَن اللذين جمعهما العشقُ الإلهي والطريق الصوفي، كما تضمّ معلوماتٍ عن التبريزي لا تتوفّر في غيرها من المؤلَّفات الصوفية، إضافةً إلى آرائه في بعض شيوخ الطُّرق والعلماء والفقهاء.
لكي نفهم السياسة العالمية، علينا أولاً فهْمُ كيف تُفكّر الدول. إذ تفترض الكثير من نظريات العلاقات الدولية أنَّ سياسة الدول وأفعالَها ناجمةٌ عن عقلانية مُحدّدة، إلّا أنّ العديد من العُلماء يرون أنّ القادة السياسيّين نادراً ما يتصرّفون بعقلانية. يُحاول الباحثان الأميركيان جون جيه ميرشايمر وسيباستيان روساتو في كتابهما "كيف تُفكّر الدول"، الصادر عن منشورات "جامعة ييل"، إثبات أن القرارات السياسية الدولية، بما فيها الحربان العالميّتان الأولى والثانية، اعتمدت على نظريات عقلانية ذات مصداقية وانبثقت من عمليات صنع القرار.
بترجمة علي سالم، صدرت عن دار "قارّات للنشر والتوزيع" مجموعة "طوفان الجوع وحلم الثراء" القصصية، للكاتب الأميركي جاك لندن (1876 - 1916). تُمثّل المجموعة مرحلة مهمّة من مسيرة الكاتب، حيث ينقل فيها مأساة الجموع التي تُقاوم الفقر والجوع بكلّ أنواعه المعيشية والعاطفية. ومن غلاف الكتاب نقرأ: "نادراً ما يُقدّر المرء وجود المرأة في حياته حقّ قدره، حتى يُمسك الإحساس بالحرمان منها بتلابيب خناقه. وقبل أن يستيقظ فيه هذا الشعور الخانق ستجده غير قادر على تصوّر ذلك الجوّ الذي يُمكن لوجودها أن يبثّه في حياته".