في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والفلسفية والفكرية والسوسيولوجية والرواية والسيرة الذاتية والذكاء الاصطناعي.
■ ■ ■
ضمن "سلسلة ترجمان"، صدرَت حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" النسخةُ العربية من كتاب "إمبراطورية في حالة تراجع: الولايات المتّحدة الأميركية بين الماضي والحاضر والمستقبل" للباحث البريطاني فيكتور بولمر توماس، بترجمة الأكاديمي المغربي توفيق سخان. يعزو الكتاب عوامل تراجع أميركا خلال القرن الحادي والعشرين إلى أسباب داخلية، تكمن أساساً في انكماش الاقتصاد الأميركي، وحالة الإحباط العام التي تسود المجتمع الأميركي جرّاء سياسة اجتماعية مجحفة، وتداعي الأساطير أو العقائد التي قامت عليها الإمبراطورية الأميركية.
"مستقبل الفن الميتافيرس" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث فهد الراجحي عن "دار الحضارة العربية". يناقش العمل جملة من المفاهيم والظواهر التي تواصل تأثيرها على الممارسة الفنية والتنظيرات المرتبطة بها؛ مثل الذكاء الاصطناعي، وعلم الأحياء، وعلم البيئة والفن الحيوي، وفن الألعاب، وفن التطبيقات، ورسم الخرائط ثلاثية الأبعاد، والتغيّرات التي يفرضها "الميتافيرس" كفضاء افتراضي على سوق الفن المعاصر، في الوقت الذي لا يمكن فيه تجاهل أنّ الرسم والنحت وغيره من الفنون التقليدية لا تزال تجذب المقتني والمتلقّي أيضاً.
عن "منشورات جامعة شيكاغو" صدرت حديثاً النسخة الإنكليزية من كتاب "العيش هو المقاومة: حياة أنطونيو غرامشي" للمؤرّخ الفرنسي جان إيف فرينيه بترجمة لورا ماريس وتقديم نادية أوربيناتي. يضيء العمل سيرة المفكّر الإيطالي (1891 - 1937) منذ نشأته في جزيرة سردينيا، حيث وُلد لعائلة فقيرة انتقلت للعيش في مدينة تورين في شمال إيطاليا، مروراً بامتهانه للصحافة في الجرائد اليسارية، ثم انتقاله إلى موسكو التي قضى فيها نحو ثلاث سنوات خلال فترة حكم لينين، وعودته إلى إيطاليا لتأسيس الحزب الشيوعي الجديد، واعتقاله وأثره في كتاباته.
عن "دار التنوير"، صدرت مؤخراً رواية "السيد العميد في قلعته" للكاتب التونسي شكري المبخوت وهي خامس أعماله الروائية بعد "الطلياني" (2014)، و"باغندا" (2016)، و"مرآة الخاسر" (2019)، و"السيرة العطرة للزعيم" (2020)، إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان "السيّدة الرئيسة" صدرت عام 2015. تتناول الرواية الجديدة الفضاء الجامعي بكواليسه وعلاقاته المعقّدة والمرتبطة بدوائر المعرفة والسلطة، وهو عالم ليس غريباً عن عوالم المبخوت التخييلية؛ فقد سبق أن حضرت الجامعة في روايتيه "الطلياني" وفي "السيرة العطرة للزعيم".
في كتابه "نحو إصلاح جنسي في الإسلام"، الصادر مؤخّراً عن "المركز الثقافي العربي"، يواصل عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي، البحث في إشكالية الجنس في الفضاء العربي من زاوية سوسيولوجية. وهذه المرة مع الأخذ بعين الاعتبار وصول موجة "الثورة الجندرية" التي تتفرّع عنها ظاهرتان اجتماعيّتان؛ الأولى هي صعود الخطاب النسوي والثانية ظهور بنى تنظيمية لتمثيل الأقلّيات الجنسية. كما يلاحظ المؤلّف أنّ تحوّلات كثيرة طاولت العالم العربي يظلّ أهمّها بروز سلوكيات جنسية جديدة لم تكن حاضرة أو معلناً عنها في العقود السابقة.
"دكتور باركمان ومستر ويبستر" عنوان كتاب جديد يصدر للباحث المصري ممدوح رزق عن "مؤسّسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع". العمل يستعيد الرواية الشهيرة للكاتب البريطاني روبيرت لويس ستيفنسون "دكتور جيكل وميستر هايد"، ويبحث في أصولها الواقعية كقضية حدثت بالفعل في بوسطن الأميركية، ومن ثمّ يبيّن الباحث المصري صنعة الأدب في تحويل الوقائع إلى عمل فنّي وما الذي يُبقي عليه المؤلف وما يتركه في سبيل بناء عالمه التخييلي وتمرير مجموعة من المضامين يوجزها رزق في قضايا السلطة والكبت والعلاقة بين الأخلاق والغرائز.
عن دار "صفحة سبعة"، صدرت حديثاً ترجمة كتاب "معنى الحياة وقيمتها" للمفكّر الألماني الحائز جائزة "نوبل للآداب" عام 1908، رودولف كريستوف أويكن (1845 - 1926)، بتوقيع محمد المهذبي. وُضع الكتاب في سياق الجدل الذي خاضه الروحانيون من المفكّرين الأوروبيّين، نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، ضدّ الأطروحات الداروينية القائلة بأسبقية البُعد الطبيعي في الحياة. دون أن ينفي أهمّية البيولوجيا في حياة البشر، يحاول أويكن لفت النظر إلى أسبقية "الحياة الروحية"، وإلى ضرورتها في ضمان مبدأ الحرّية للإنسان في وجه الحتمية الطبيعية.
عن منشورات "إيليبس" في باريس، صدر حديثاً كتاب "بيرغسون: فلسفةُ الجديد"، للباحث الفرنسي أرنو بوانيش. يسعى المؤلّف إلى تقديم مدخلٍ مزدوج إلى فكر الفيلسوف الفرنسي (1859 - 1941): مدخلٌ موضوعاتي، عبر ثيمة الجديد، التي يمكن خلالها قراءة أعماله، ما يقود إلى مدخلٍ تاريخيّ لها يوضَع انطلاقاً من هذه الثيمة. عبر الموازاة بشكل مستمرّ بين مؤلّفات بيرغسون وسيرته، يلاحظ بوانيش كيف أنّ الجديد، باعتباره مفاجأةً، حَكَمَ تطوُّر فكر بيرغسون الذي ظلّ يغيّر في رؤاه الفلسفية والمنهجية وفق المعطيات الجديدة التي كان يقف عليها، بالصدفة أحياناً، خلال أبحاثه التجريبية. كما يشير إلى دور تحليل بيرغسون لفكرة الجديد في اقتراحه أبرز مفاهيمه: المدّة، والتي كان أوّل مَن ميّز فلسفياً بينها وبين الزمان.
"ليل ونهار" عنوان النسخة العربية من رواية الكاتبة البريطانية فيرجينيا وولف (1882 - 1941)، وقد صدرت حديثاً بترجمة باسل المسالمة عن "دار التكوين". تقدّم صاحبة "السيّدة دالاوي" في هذا العمل (1919) سيرةَ شخصيّتين، هما كاثرين هيلبيري وماري داتشيت، اللتين تختلفان إلى حدّ بعيد في طبيعتهما ورؤيتهما إلى العالَم، لكنْ تجمعهما صداقةٌ وأسئلةٌ مشتركة حول العديد من المواضيع، مثل الحبّ، والعلاقات الغرامية، والزواج، والسعادة، والنجاح. كما انتقد وولف، بشكل ساخر، الأوضاع التي عاشتها إنكلترا تحت حكم إدوارد السابع مطلع القرن الماضي.