في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والاقتصادية والتاريخية والفكرية والنقدية وتاريخ الفن والشعر والرواية والمسرح.
■ ■ ■
"ما بعد الوردة"، عنوان مجموعة جديدة للشاعرة والروائية اللبنانية المقيمة في كندا رلى الجردي، صدرت عن "دار التكوين". إلى جانب إصداراتها في الرواية والنقد الأدبي، صدر لها في الشعر "غلاف القلب" (2013) و"كليلى أو كالمدن الخمس" (2016)، من قصائد المجموعة نقرأ: "ينتزعني مَطلعُ الظَّبي، شبيهُ الوَرْد، من همرِ الملح. شَعرهُ يوشوش في أُذني/ ويلينُ كالأصفرِ "ميناءُ الحُسن". قميصُه دالَّةٌ على خدِّي/ وكيف يبتدئُ صدرُه/ وكيف الوجدُ لا يتيح الوجدَ/ إذ الصُّبحُ تمثالٌ لا يزيحُ عنَّا. يبذلُ البحرُ كلَّ وُسْعِنا، يحوزُ اختفاءَنا الميَّاس".
صدر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "القدرة التنافسية للأعمال والازدهار الاقتصادي المستدام في البلدان العربية" لأستاذ التنمية الاقتصادية واقتصاديات الفقر أحمد فتحي عبد المجيد قاسم. ينطلق العمل من التحدّيات والأزمات التي واجهها الاقتصاد العالمي، وتبلورت في اتجاه عدم اليقين في الأسواق العالمية وتباطؤ النمو، بالإضافة إلى التأثيرات الاجتماعية والتشوّهات الحاصلة في المؤسّسات السياسية والسياسات الاقتصادية، وتأثير ذلك في إضعاف القدرة التنافسية والازدهار الاقتصادي المتحقّق في الاقتصادات النامية العربية.
عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، صدر حديثاً كتاب "مسرح خيال الظلّ المصري: من جعفر الراقص حتى الآن" للباحث المصري نبيل بهجت. يعود العمل إلى المصادر الأُولى لمسرح خيال الظلّ عند العرب خلال القرن الخامس الهجري، حيث تشير المراجع التاريخية إلى ظهوره في الأندلس، كما يتتبّع تطوُّر تقنياته ونصوصه الموجودة والمفقودة وإشكالياته مع السلطة مع ابن دانيال في القرن السابع الهجري، والذهبي وابنه محمد في القرن الثامن الهجري، وصولاً إلى أحمد الكومي والفسخاني، اللذين عاشا بداية القرن الخامس عشر الهجري، ثمّ التجارب المعاصرة في مصر.
"بيير بونارد.. ما وراء الرؤية" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحثة في تاريخ الفن، لوسي ويلان، عن "منشورات جامعة ييل". يعيد العمل تقييم تجربة الفنان الفرنسي (1867 - 1947) من خلال مذكّراته ومقابلاته الصحافية، في محاولة لاستكشافها بوصفه شخصية انتقالية بين الانطباعيّين والحداثويّين، خصوصاً في ما قدّمه من أعمال منذ العشرينيات وحتى رحيله، والتي تعكس بحثاً بصرياً طويلاً طرحه في رسوماته واسكتشاته حول العلاقة بين المشاهدة والتمثيل، كما يدرس حضوره كأحد مؤسّسي "مجموعة نابيس ما بعد الانطباعية" في المشهد التشكيلي الأوروبي بشكل عامٍ.
"في المفاهيم المعيارية الكثيفة: العلمانية، الإسلام (السياسي)، تجديد الخطاب الديني" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" للباحث السوري حسام الدين درويش. ينظر الباحث في العوامل التي جعلت الثورات العربية لحظة "معرفية"، حسب الأكاديمي ساري حنفي الذي قدّم للكتاب، خرجت بالأفكار من ضيق الصالونات الفكرية صوب الجدل المُجتمعي. كما يرى درويش أنّ الإصلاح السياسي والاقتصادي هما شرط الإصلاح الديني، وأنّ "الدولة المدنية" وحدها القادرة على تجاوُز الثنائية التناحرية: العلمانوية والإسلاموية.
"ضدّ التاريخ: تفنيد أكاذيب السلطة وتبديد أوهام الشعب" عنوانُ كتابٍ للباحث المصري مصطفى عبيد، صدر حديثاً عن "الدار المصرية اللبنانية"، وفيه يُسائل أحداثاً وشخصيات من التاريخ المصري الحديث، معيداً تقديمها برواية تناهض الرواية الرسمية. يتناول عبيد ما يُسمّيه "أسطورة" مصطفى كامل الوطنية؛ والتي يرى أنّها حُمّلت بمبالغات لرسم صورة غير حقيقية عنه كزعيم استثنائي، وشخصية محمد نجيب الذي يستشهد بتصريحاته التي قال إنّها أنبأت عن "دكتاتور لم يأخذ فرصته"، كما يورِد أسماء متّهمين باغتيال أنور السادات لم يشملهم قرار الاتهام.
صدر حديثاً، لدى منشورات "سوي" في باريس، كتاب "تسارُع التاريخ: من الأنوار إلى حقبة الأنثروبوسين" للأكاديمي والمؤرّخ الفرنسي كريستوف بوتون. يُسائل العمل، بلغةٍ نقدية، المقولة، التي باتت شائعةً في أيامنا هذه، عن أنّ المجتمعات، ولا سيّما الغربية منها، تعرف "تسارُعاً غير مسبوق" في الأحداث، وفي علاقتها بالزمان والتاريخ. ويذهب بوتون إلى أنه يمكن الوقوف على عكس ذلك تماماً: أنّ التاريخ، الذي يُعرَف عادةً بديناميته وتقلّبه، باتَ فضاءً للركود والمتوقّع، في حين أصبحت الطبيعة مساحةً للتاريخاني، بعد أن كانت لقرون مكاناً للركود والتكرار.
بعد كتابه الأوّل "عطر الإرادة" (2018)، صدرت حديثاً روايةٌ للكاتب والأسير الفلسطيني سائد سلامة (1976) عن "دار الفارابي" بعنوان "العاصي". نقرأ من تقديم الناقد فيصل درّاج للرواية: "يستأنف سائد سلامة في 'العاصي' روايةَ المقاومة الفلسطينية بمنظور جديد، يفصل بين الوعي الوطني المتّسق ووعي مهزوم ملتبس، ينتسب إلى فلسطين وينسى معناها، ويهمّش دلالات الكرامة والهوية والذاكرة الوطنية، ويكتفي بفتات السلامة الذاتية والربح الرخيص، ويعبث بصور الشهداء وتضحياتهم. تستذكر الرواية قيم الكفاح التي حفظت وحدة الشعب الفلسطيني وتندّد بنقائضها".
"ثورة بلا ثوّار: كي نفهم الربيع العربي" عنوان كتاب للأكاديمي الإيراني الأميركي آصف بيات صدرت نسخته العربية حديثاً عن "مركز دراسات الوحدة العربية" بترجمة فكتور سحاب. رغم عنوانه الذي يلمّح إلى غياب الثوّار في الربيع العربي، فإن العمل (صدر الأصل الإنكليزي عام 2017 لدى "منشورات جامعة ستانفورد") يركّز بشكل أساسي على مقولةٍ أُخرى، تتمثّل في غياب الأفكار الثورية عن مجريات الربيع العربي. يخلص الباحث إلى هذه النتيجة بعد تحليله لديناميات الثورات العربية، ولا سيّما في مصر وتونس، وقراءتها بأدوات النظرية الاجتماعية.
"عصر بودلير: بودلير والشعر العربي" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن دار "خطوط وظلال"، للناقد التونسي لطيّف شنهي، وبتقديم محمد بن محمد الحيّو. ينطلق المؤلّف من فكرة أفول النظُم الدينية في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، مقابل صعود القيم الحداثية الجديدة كبديل عنها، وكيف شكّلت هذه التناقضات خلفيّة لفهم وتمثيل الشعر عند الشاعر الفرنسي. ومن الجوانب الرئيسية التي يشتغل عليها الناقد؛ التأثُّر العميق لدرجة الانبهار عند الرومانسيّين العرب، مثل إلياس أبي شبكة وعلي محمود طه وكذلك السيّاب، بصاحب "أزهار الشر".