في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1924، سيُعلن السورياليون رسمياً عن أنفسهم من باريس وفق الأفكار التي بلورها الشاعر الفرنسي أندريه بريتون (1896 – 1966)، للتعبير عن الواقع بعيداً عن أي تحكم خارجي أو مراقبة تمارس من طرف العقل وخارجه عن نطاق أي انشغال جمالي أو أخلاقي.
مع نشر البيان الأول للحركة، انتشرت أفكارها على نحو واسع شمل جميع أنحاء العالم في استثمار للأجواء التي سادت بين الحربين العالميتين، واستمر تأثيرها مع بروز أجيال جديدة واشتباكها مع فلسفات متنوعة، وصولاً إلى نهاية الستينيات حيث شارك السورياليون ضمن الاحتجاجات التي سادت أوروبا والولايات المتحدة، ليخفت حضورها بعد ذلك تدريجياً.
"السوريالية: ما وراء الحدود" عنوان المعرض الذي افتتح في غاليري "تيت مودرن" نهاية شباط/ فبراير الماضي ويتواصل حتى التاسع والعشرين من آب/ أغسطس المقبل، والذي يعرض أعمالاً لفنانين سورياليين برزوا في العشرينيات في مصر والمكسيك والأرجنتين واليابان وغيرها من البلدان خارج أوروبا.
المعرض الذي يقام بالتعاون مع "متحف ميتروبوليتان للفنون" في نيويورك، يضيء على ما أسماه المنظّمون "سوريالية متعدّدة الاشكال والأصوات. مجموعة متغيرة وعابرة للحدود"، حيث ستلتقي الصوفية والسوريالية في تركيا، وستجد أثرها لدى موسيقيي الجاز، وستحمل تنظيراتها نسويات وثوريين وكذلك كارهين للنساء.
وتوضّح النماذج المعروضة بأن السوريالية ليست أسلوباً، ولكنها حالة ذهنية تهدف إلى تقويض الواقع من أجل العثور على الغرابة في كل يوم، وللاستفادة من رغباتنا اللاواعية وإحياء الأحلام، وبالنسبة إلى العديد من الفنانين حول العالم، كانت وسيلة لتحدي السلطة وتخيل عالم جديد.
يركز المعرض الذي أقيم بعد بحث مكثف على أسباب انتشار السوريالية في جميع أنحاء العالم لأكثر من خمسين عاماً، وكيف تمّ إلهام الفنانين وتوحيدهم من خلالها في مراكز متنوعة، مثل بوينس آيرس والقاهرة ولشبونة ومكسيكو سيتي وبراغ وسيول وطوكيو.
تُعرض لوحة للفنان الفيليبيني هيرناندو آر أوكامبو، يسقط فيها ظل الصليب في ساحة المدينة حيث يحدق رأس امرأة عملاقة في اتجاهين في وقت واحد، حيث حاول مزج رموز من الكاثوليكية مع السوريالية، إلى جوار لوحة للكاهن والرسام هيكتور هيبوليت من هاييتي نرى فيها سكاكين وفؤوساً وقلباً وأوراق لعب.
كما تقدّم أعمال الفنان الياباني كوجا هارو التي تضمنت تنويعات على البحر ومفرداته في ثقافة بلاده، وكذلك الفنانة المكسيكية ماريا إزكويردو التي اشتغلت على الحياة ما بعد الموت في لوحاتها، إلى جانب أعمال الفنان الكوبي ويفريدو لام، والفنان الكوري الجنوبي بيون يون وون.