منذ بداية تجربتها الفنيّة قبل ثلاثة عقود، تميّزت الفنّانة التشكيلية اللبنانية سهى صباغ بهويةٍ متعدّدة، إذ تنوّعت أعمالها بين الرسم والكتابة والإخراج، متناولة موضوعات متنوعة في أعمالها، مُستوحاة من الأحداث السياسية والاجتماعية في لبنان والمنطقة.
وعلى الرغم من تنوّع الموضوعات، إلّا أنّها حملت رسالة ملتزمة مفادها المقاومة والانتماء إلى قضية الإنسان المدافع عن حقوقه ضدّ كافة أشكال الاحتلال والطغيان. وضمن هذا الإطار، وفي ظلِّ حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي ضدّ غزّة منذ أكثر من خمسة أشهر، يأتي معرضها الجديد "الطريق إلى القدس"، الذي يستضيفه "ملتقى السفير" في بيروت حتى العاشر من آذار/ مارس الجاري، ليؤكّد موقف الفنّانة الرافض للاحتلال، والداعم للمقاومة كوسيلة لتحرير الأرض.
تُقّدم صباغ، في المعرض، قرابة أربعين عملاً متنوّعاً، يصعب التمييز فيها بين أسلوب فنّي أو مدرسة أكاديمية، ذلك أنها تدمج الأساليب، وتصهر الألوان في بوتقةٍ تعكس الانفجارات التي تحدث في المنطقة العربية، لا سيّما في غزّة وما تشهده من جرائم يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
تحاول التشكيلية اللبنانية، من خلال الوجوه والأجساد والأشياء الموجودة في لوحاتها، أن ترسم جسراً يصلها بالواقع كي تعبّر عن الفجائع التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزّة. الأصفر والأحمر، لونا المرض والدم، هما الأكثر حضوراً في اللوحات. كذلك يساعد اللونان في إمكانية التعبير عن القصف والانفجارات التي يسبّبها الاحتلال.
الهمّ اللبناني أيضاً حاضرٌ من خلال محاولات تجريبية لتصوير تفجير المرفأ والحراك الشعبي. إنّها محاولاتٌ للغوص عميقاً في المشهد العام ونبش تفاصيل كلّ ما هو خاص. اللوحة هي الجسر الذي ينقل العام ويحوّله إلى همّ وقلق شخصي.
لا يمكن تصنيف لوحات المعرض بأنّها سياسية، على الرغم من أنّ موضوعاتها قد تبدو كذلك. إنها لوحات واقعية، تعبّر عن أفكار ومشاعر تعيشها الفنّانة، ولكنّها، قبل أي شيء آخر، تعبّر عن موقفها من الأحداث الجارية. إنّها لوحة تحمل موقفاً أخلاقياً وتحرّيرياً ضد الاحتلال وضد الطغيان.