بعد الستّين، كلّما مرّت سنة، نشعر بثقل الزمن على الأكتاف. لهذا يميل البشر الشرقيّون للانحناء والامّحاء، ويكون هذا التغيّر في العمود الفقري علامةً على المصير القادم.
ترى كيف تعمل ذاكرتنا في المستقبل الأوروبي؟ بآلية التداعيات؟ استدعاء الماضي، وتحلية مراراته، بمسحوق السكّر، كي لا نشعر بحُبيبات السكّر العادي على أنها اختلاق؟
وبعدها تبدأ مسيرة النكوص على الذات والتوقّع، حتى لا يعود يهمّنا أيّ شيء من مجريات الحاضر الراهن. كأنْ، مثلاً، لا نريد أن نفكّر في ما فتحه هذا الوباء من حيث الطبيعة وتغيّر المناخ؟
والآن، لدينا الآن ذكريات عن الطفل الذي كنّاه، وليس حتّى عن فترة المراهقة؟ هل كنّا حقّاً ذات يوم مراهقين، يفطرون في رمضان، وسط الشارع، على عيون الملأ العابر والمبتسم؟ هل قيل يعني إن أداءنا في تلك المرحلة من العمر الحرج، كان سيّئاً للغاية، وإنه ليس لدينا من مستقبل؟
هل نحن في لحظة غير مسبوقة في التاريخ، هي لحظة الاغتراب المضاعَف؟ وهل علينا أن نفكّر في الأمر، لأن هذا يعني أننا انتهينا وقد رأينا بؤبؤ العين، نفادَ اليوتوبيا؟
ولمَ لا يهبنا الربّ هنا نعمته الكبرى الثمينة: إن قوة نسيان البشر لَعظيمة جدّاً، كأنها شيء من الأحلام؟ لمَ في القارّة الشقراء، أحياناً، لا مفرّ من النسيان الضروري للعيش؟
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا