تلك الأيام التي بَنتها شجرة

03 يناير 2025
"الربيع في بغداد" لـ سيمون فتّال، 2019
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- النص يعبر عن رحلة تأملية في الحياة، حيث يتداخل الأمل والغياب، ويظهر الحنين إلى الذكريات القديمة والأغاني التي تحمل في طياتها مشاعر مختلطة من الفرح والحزن.
- يتناول النص موضوعات مثل الاعتياد والآمال الصغيرة، وكيف يمكن للغياب أن يكون جزءًا من الحب، مع التركيز على أهمية الذكريات والصور القديمة التي تحمل تاريخًا دون ألم.
- يعكس النص رغبة في التعلم والتذكر، مع الإشارة إلى الحاجة إلى التواصل مع الماضي والقدرة على مواجهة الحياة دون اللجوء إلى المهدئات، مع تصوير مشاعر الوحدة والبحث عن الذات.

علبة الآثام

1

أسحب الأملَ من كُمّه ونصعد ذات التل،
كل الإشارات ثنائية الاتجاه،
والغياب أبيض ثمّ أبيض
يتساقط ساكنًا كالقطن.
أنا لحبيبي وحبيبي لمجده، 
علّمني كيف أنبتُ بغزارةٍ يا الله،
علّمني سرّ الذيوع في خلاياه،
في ذاكرة الجسد الرؤوم؛
في الأغاني القديمة 
والمرّات
التي التفت فيها إليّ
ووجدني في الزُّقاق خَلْفَه.


ناولني علبة الآثام؛
أُبادل الاعتياد بزهرة الآمال الصغيرة،
أتعلّق بساقها وأرحلُ بعيداً
إنّني أُشاهد العالمَ من فوق جوقةٍ من السُّكارى.
الغياب جِنكيةٌ في ساحةِ حبيبي 
إذ تنثر أوراقها فوق الحاجة إلى الكلام
خارج تبرير تلك العيوب التي أَحْدَثها الوقت 
في الأجساد؛
والعقارب التي نمت في الروح على حينِ غفلةٍ
والصلوات الممتنّة 
إلا أنّ الصور القديمةَ وإن كانت تحمل التاريخ 
لكنّها لا تحمل الغصّة.


3
 
علّمني كيف تجمعُ الكلام
قبل أن تَعرف الحزن
أو الفرح 
وتسمّيه بأسماءِ أقاربه
وتجعلهُ شعراً.
علّمني 
قد لا أملك القدرة
ولكني أملك الحاجةَ؛
الحاجة إلى أن أتذكّر الأسماء:
مطر، كاس، تفّاح
وأن أُرشد الموتى الفَزِعين إلى محطات الحافلات
دون أن أتناول حفناتٍ من المُهدّئات.


4

تلك الأيام
أقصد التي بَنتها شجرة، 
وزوارق ورقية أحبّتك
كان من العصيّ التعرّف عليّ
وسط عيدان القصبِ وشجر الصفصاف
حيث السُّكون امتيازُ الانتظار.
 
أتيتَ عزلتي كحاجّ 
صعدتَ مقطورة حديقتي
ببصمة الحياة البكر؛
بصلابة الإمعان والهشاشة

وهطلتُ بجسدي النحيل 
من كل ثقب في السماء.
لقد هرعت إليك مع كلّ ريح.
ذاكرتنا خطيئة،
لقد فتحنا أعيننا على حيوانٍ جريح.


5

جئت من بكاء مُلّح في الصباح؛
من رغبة هائلة بالاعتذار؛ 
من توسّل للخفّة أن لا تفارقني
يا أيها الفراغ الذي أُحدّثه 
رأسي قبر مفتوح 
ولديّ رغبة في أن أملأه 
بهذه القصاصات من الورق الأبيض 
أُحدّق في الجدار الآيلِ أيضاً
فأرى طيوراً مُهاجرة.


6

أَحْدثُ بشكل موسمي 
مثل المطر والبلاد والنساء الثلاثينيات،
مثل حديث خاصّ
بدأناه عند موقف عمومي،
ولم ننههِ حتى الآن...
أحْدثُ بشكل موسمي 
مثل الخريف والخرير والأمهات 
مثل هجرة المصائر، 
هذه نظرتكَ الممتلئة 
بالشهوات السامّةِ كالعقارب
والملذّات الوادعة كنجم يولد لتوّهِ
في قائمة كاملة من الأثمان.


* شاعرة من فلسطين

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون