تكاد صورة جورج بهجوري وأعماله التي قدّمها خلال أكثر من ستّة عقود متطابقة، وهو أمر لا نقع عليه في تجارب كثيرة، لكن الفنان المصري (1932) حافظ على ذلك التشابه بين سلوكه وشخصيته وتصريحاته التي تتسمّ بخفة الظل والسخرية وبين ما يرسم.
ومن جملة ذلك ما تتداوله أخبار معرضه الجديد "الاسكتش هو الاسكتش هو الاسكتش" الذي يُفتتح الأحد المقبل، السابع عشر من الشهر الجاري، في "غاليري مشربية" في القاهرة، والذي يتواصل حتى السابع عشر من شباط/ فبراير المقبل. ويشير الفنان إلى أنه يقدّم، بهذا المعرض، آخر معارضه.
لا يمكن الركون إلى هذه الحقيقة بوصفها خياراً نهائياً لبهجوري الذي قد يعيد حساباته في أيّة لحظة، لكن ما يثير الانتباه هي صيغة التأكيد التي يتضمّنها عنوان المعرض، فهي تحيل إلى أسلوبه في رسم الاسكيتش الذي رسّخه مع مرور الزمن، كما أنها قد تعني أن "الاسكتش" يرسم هكذا؛ كما يقدّمه بهجوري نفسه.
يحتوي بيان المعرض على تساؤل هو: كم عدد المعارض التي قدّمها بهجوري خلال مسيرته الطويلة؟ ليأتي جوابه: "من المستحيل أن تُعرف بالضبط ، لكن من المفترض أن تكون هذه آخر واحدة بينما لا يزال الفنان على قيد الحياة. هل يمكننا تصديق ذلك؟". على هذا النحو يشدّ الفنان متابعيه بطريقة يعرفها الطرفان جيّداً.
ينقسم هذا المعرض إلى عدّة أقسام تتراوح ما بين البورتريهات التي تشتمل وجوهاً عديدة، معروفة وغير معروفة، وكذلك رسوماته الشخصية التي قدّم فيها بهجوري نفسَه في حالاته المختلفة، واللوحات التي تبدو أنها استُمدّت من عين الواقع، حيث سجّل الفنان، بشكل دائم، يومياته العادية التي تكاثرت حتى باتت تغطّي كل لحظة عاشها أو تخيّلها أو حفظها في ذاكرته.
يخلق بهجوري عوالمه هذه جميعها بخطوط سوداء بسيطة، لا تعميه الألوان، فهو يثبت بصمته أو لمسته الخاصة، ويريد أن يذكّر دائماً أنه لا يزال هنا ويقوم بما يحلو له، ويرسم ما يريد رسمه بحرية وجرأة. لكنْ ربما لا يعني ذلك، بالضرورة، تطويراً في تجريته أو انزياحاً لم يألفه المتلقي الذي ألِف تلك العوالم وتعوّد عليها.
بحسب البيان ذاته، فإن المعرض "يريد تكريم الفنان العبقري وحياته المهنية"، هو الذي لم يستطع "طوال حياته أن يمنع نفسه من رسم محيطه اليومي، سواء كان مشهداً جميلاً أو في مقهاه اليومي".