منذ نحو ثلاثة عقود و"مؤسّسة تامر للتعليم المجتمعي" تواظب على تنظيم "حملة تشجيع القراءة في المجتمع الفلسطيني" التي تشمل فعاليات ونشاطات في العديد من الملدن والبلدات الفلسطينية، وبالتعاون مع مؤسّسات ثقافية وأهلية وجمعيات في المجتمع المدني، بغرض توعية الأجيال الجديدة بدور القراءة وأهمّيتها، إن كان على المستوى الشخصي أو الجماعي.
وقد باتت الفعالية نواة "أسبوع القراءة الوطني" الذي يُقام ربيعَ كلّ عام، مع ما تعنيه عبارة "حملة" من مسعى في الذهاب نحو المعنيين ــ وهُم هنا الأطفال واليافعون ــ حيثما وُجدوا، وهو ما نقف عليه في نسخة الحملة لهذا العام، 2023، والتي تأتي تحت عنوان "نحنُ الذهابُ المستمرُّ إلى البلاد" (الذي يقوم على تحوير طفيف لعبارة في إحدى قصائد محمود درويش: "وأنا الذهابُ المستمرّ إلى البلاد").
ينطلق برنامج الحملة يوم غد السبت، عند الحادية عشرة صباحاً، في "المكتبة البلدية" بمدينة نابلس، التي يقول المنظّمون إن الخيار وقع عليها كمدينة لافتتاح البرنامج لأنها "قدّمت في الأشهر الأخيرة نموذجاً مصغّراً مكثّفاً للوطن بأكمله، بما قدّمته من مقاومة وصمود، وما لاقته من حصار وتنكيل".
كما تنطلق الحملة يوم غد في محافظات بيت لحم (في "مسار ارطاس")، وجنين (في "المركز الكوري")، والخليل ("مكتبة الأنوار الإبراهيمية")، والقدس ("مؤسسة العمل") وقطاع غزّة ("مكتبة الحارة" في دير البلح)، قبل أن تتبعها في الأيام التالية كلٌّ من رام الله وقلقيلية وطولكرم وأريحا وسلفيت وطوباس، على أن يُختَتم البرنامج يوم السادس من أيار/ مايو المقبل.
وتشمل الفعاليات جلسات قراءة وغناء وأشغال يدوية ورسم وورشات تفكير وعصف ذهنيّ وغيرها، كما يختلف مضمون البرنامج بين مدينة وأُخرى، حيث يتمحور برنامج القدس، على سبيل المثال، حول معرض صور ونشاط رسم لتخيُّل المدينة بعد عشرين عاماً، في حين تُقرأ في جنين قصصٌ وحكايات مثل "قصة عصفور الشمس" و"نشّار الخشب" وغيرهما، بينما يذهب النشاط الذي يُقام (عند التاسعة من صباح الثلاثاء، الثاني من الشهر المقبل) في بيت لاهيا بقطاع غزة حول "التفكير في شيء لم يحدث بعد".
على أنّ خيطاً ناظماً سيجمع أغلبية هذه النشاطات في مختلف المدن والبلدات الفلسطينية: الوقت. حيث يدعو المنظّمون، في بيانهم حول هذا النسخة من الحملة، إلى أن "نتأمّل في وقتنا. نضعه تحت المجهر ونحرّره بعيوننا لنستعيده وننسج منه معانيَ وذكريات، ونعيد تشكيله مع أطفالنا لنؤسّس لكل ما هو جمعيّ".
ويشير البيان إلى أن هذه الدعوة ليست "طمعاً في أن يتّسع بنا الحاضر فقط، بل لننبش في ذاكرة الجدّات من بين شقوق ما يغزلن"، إذ "نتأمّل في وقتنا لنلِد ذاتنا بذاتنا"، وكي "نستعيد وقتنا، ولأجل 75 عاماً من الذهاب المستمرّ إلى البلاد"، في إشارة إلى أن هذا العام يصادف مرور الذكرى الخامسة والسبعين لوقوع النكبة.