جئتُ إلى العالَم بعد النكبة باثنتي عشرة سنة.
وبعد أقل من سبع سنوات من مولدي، عشتُ تحت قصف الطيران الصهيوني، في حرب حزيران.
بعدها تنقّلت في أكثر من ستّين مدينةً وناحية، وعبرت أربع قارات، وعانيت من حصارات وحروب، لا أتذكّر عددها.
وها أنا أؤول على تراب فلاندرز، طائراً مهيض الجناح، وقد خلّفت ورائي ستّة عقود من الزمن، وهي ذي مِحَنٌ جديدة، تبدأ للتوّ.
وُلِدتُ لاجئاً، ولم يتحسّن الوضع: سأموت لاجئاً كذلك.
هذا الظُلم المُزمِن، لم يعد يؤهّلني للإيمان بأيّة عدالة على الأرض: البشر أقلّ خُلقاً من جميع الحيوانات المفترسة، ولا يحكمهم إلّا قانون القوي العايب.
ما سوى ذلك، هو حلم المثاليّين.
ولطالما كنتُ مثلهم: كَم مرّة كنتُ مثاليّاً تحت القصف، أو خلف باب مغلق، في نوبة منع تجوال تطول لأسبوعين أو أكثر؟
وكم مرة قلتُ إنّ دوام الحال من المحال؟
وكم مرة عدت وقلت إن دوام الحال من المحال، واتّضح لي أني مخطئ؟
ربما جانبني الصواب في قراءة واقعٍ مُعَقّد؟
لا بدّ.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا