تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم التاسع من كانون الثاني ذكرى ميلاد المغنية التونسية حسيبة رشدي (1918 – 2012).
في خمسينيات القرن الماضي، استقرّت حسيبة رشدي، التي تحلّ اليوم الأحد ذكرى ميلادها، في القاهرة، حيث خصّصت لها الإذاعة المصرية حفلاً أسبوعياً بعد أن اجتازت اختباراً أمام لجنة ضمّت في عضويتها أم كلثوم، كما قدّمت مجموعة من أغانيها في حفلات جمعتها مع الفنان المصري محمد عبد المطلب.
لم تكن حياة المغنية التونسية (1918 – 2012) مفروشة بالورود، إذ فشلت محاولاتها الأولى بالهرب من مسقط رأسها في بلدة جومين بالجنوب التونسي إلى بنزرت لتعلّم المسرح والغناء، حيث أعادتها العائلة وفرضت عليها الزواج، لتعيد الكرّة مرة أخرى إلى صفاقس حيث تعرّفت هناك على الفنانة فتحية خيري، التي أقننعتها بتغيير اسمها من زهرة عبد النبي إلى حسيبة رشدي.
وتمّ قبولها في تلك الفترة في فرقة مسرحية، حيث التقت عدداً من كبار المنتجين والملحّنين التونسيين، من أمثال بشير رصايصي الذي رافقها إلى باريس لتسجّل ألبومها الأول، الذي شارك في كتابة كلمات أغانيه وتلحينها الهادي الجويني وإبراهيم صالح وقدور الصرارفي وعلي السريتي وآخرون.
التقت رشدي بالفنان محمد التريكي (1899 – 1998) وتزوّجا بعد فترة قصيرة، ليؤسس لها فرقة ضمّت العديد من الموسيقيين والفنانين، لكن زواجهما لم يستمر طويلاً، لترتبط بعد ذلك بدبلوماسي أميركي يدعى هنري بلايك، أقامت معه في نيويورك عدّة سنوات.
غادرت بعد ذلك إلى القاهرة بطلب من الحزب الدّستوري، لتسليم وثائق للمناضل الحبيب ثامر الذي كان لاجئاً هناك، واستطاعت أن تجذب الأنظار إلى صوتها وأن تشارك أيضاً في عدد من الأفلام السينمائية، التي لعبت في بعضها دور البطولة، ومنها "حب" لعبد العزيز حسين (1948) وطريق الشوك لحسين صدقي (1950) و"دماء الصحراء" لجياني فرنتيشيو (1951) و"انتقام الحبيب" لفرنتيشو (1952).
بعد عودتها من مصر، انخرطت في الحركة السينمائية التونسية، ومثلت في أفلام "الثائر" (1968)، و"صراخ (1972) لعمار الخليفي، و"تحت مطر الخريف" (1969) لأحمد خشين، و"خليفة الأقرع" (1970) لحمودة بن حليمة، و"يا سلطان المدينة" (1992) للمنصف ذويب.
غنت رشدي من ألحان الفنان التونسي الهادي الجويني أغاني مثل "يا أم العباية الحلوة" و"ياللي عيونك في السماء والسماء في عيونك"، كما غنت من الحان الهادي الجويني أغنية "لاموني اللي غاروا مني" التي راجت وأداها مغنون تونسيون وعرب، و"تحت الياسمينة في الليل"، و"ما أحلاها تذبيلة عينك"، و"سير يا الرزق سير"، و"العازب قلبه مهنى"، و"ما اقدرش أنساكم"، لكن المرض حال دون أن تكمل مشوارها الغنائي.