تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثامن من كانون الثاني/ يناير، ذكرى ميلاد المطربة المصرية شهرزاد (1928 – 2013).
في منتصف أربعينيات بدأت شهرزاد التي تحل اليوم ذكرى ميلادها في تقديم الحفلات على مسرح الأزبكية كما تقدّمت إلى الإذاعة المصرية حيث شاركت في عدّة برامج غنائية، وكانت تؤدّي في تلك الفترة أغنيات سيد درويش وبعض الأدوار القديمة التي حفظتها من خلال الاستماع إلى مطربي الأفراح الشعبية آنذاك.
تشير الروايات إلى مشاركة المطربة المصرية (1928 – 1913) في حفل عيد ميلاد الممثلة جمالات زايد، وقد نالت إعجاب المخرج زكي طليمات الذي كان أحد الحاضرين بعد تقديمها أغاني لأم كلثوم، فعرض عليها مباشرة أن تنضّم إلى أوبريت "العشرة الطيبة" الذي كان قيد التحضير.
ورغم معارضة والدها بدايةً ثم موافقته بعد أن علِم أن ابنته تشارك في الأوبريت الذي ألّفه سيد درويش، حيث غنّت فيه "أنا هويت وانتهيت"؛ الأغنية التي ستفتح لها أبواب النجاح وتتالي العروض للعمل في عدد من المسرحيات الغنائية، وستتلقّى تعليماً موسيقياً منتظماً (الصولفيج) على يد عازف التشيللو الإيطالي برونيتي الذي كان يعمل حينها عازفاً في "دار الأوبرا" المصرية.
تروي شهرزاد في إحدى المقابلات الصحافية أنّها تعرّفت صغيرةً قبل أن تحترف الغناء إلى الملحّن رياض السنباطي الذي أُعجب بصوتها ووعد أن يلّحن لها حين تكبر، وتحقّق الأمر بعد تقديمها "العشرة الطيبة" حيث غنّت له "أول ما جيت في الميعاد" من تأليف الشاعر حسين السيد، وبدأت تلفت الأنظار إليها بصوتها القوي وأدائها المختلف.
وتواصل التعاون بينهما في حوالي عشرين لحناً منها "اديني من وقتك ساعة"، و"حكاية المنديل"، و"كدابين" و"في ضي القمر"، و"أفكر فيه"، و"مش بايدي"، إلى جانب أغنية "يا ناسيني" التي عزف خلفها السنباطي مع الفرقة على العود منفرداً (صولو) مدة ثلاث دقائق، ما تسبّب بغضب أم كلثوم التي استغربت أن يعزف لمطربة جديدة مقدّمة أغنيتها بنفسه، فكان ردّه عليها: يبدو أن حظ شهرزاد حلو..
الحظ لم يتوقّف هنا، فتلك الألحان جذبت انتباه محمد عبد الوهاب الذي بدأ البحث عن كلمات تناسب شهرزاد حتى وجد أغنية "في ظلّ الورد" التي لحّنها في شهر واحد، ثم تعاونت مع فريد الأطرش الذي لحّن لها "اديني ميعاد وخلي بالك مني"، ومحمود الشريف في أغنيات "أحب اسمك" و"أحلى الذكريات"، كما التقت أحمد صدقي ولحن لها مجموعة من الأغنيات مثل "سألت على البخت"، و"جاني مرسالك"، و"ثلاث صفات" و"في قلبي حكاية".
حجزت شهرزاد مقعدها ثانياً خلف أم كلثوم بجدارةٍ، في عصر ذهبي لم يكن سهلاً الاستمرار فيه كما حدث مع العديد من المطربات اللواتي كان بداياتهن قوية ثم تراجعن أو غادرن المشهد، فقدّمت المزيد من الأغنيات من ألحان محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي وعبد العظيم محمد ومنير مراد ومحمد سلطان وحلمي بكر.
وساهمت أيضاً في تأسيس "فرقة رضا للفنون الشعبية" بعد عرض "أوبريت يا ليل يا عين" عام 1956 لأكثر من ستّة أشهر، وكان العمل من تأليف وإعداد علي أحمد باكثير وتلحين أحمد صدقي وإخراج زكي طليمات وشارك في الغناء والتمثيل والرقص كلّ من نعيمة عاكف ومحمود رضا وشهرزاد وفريدة فهمي ومحمود شكوكو، إذ تم إشهار الفرقة التي قدّمت العديد من العروض الاستعراضية في مصر وسورية ولبنان، وكانت الأفيشات الخاصة بالفرقة تضم اسم شهرزاد قبل أن تنفصل عنها لانشغالاتها الفنية.