تزاوج ربيعة الرينشي بين التدريس في "المعهد العالي للفنون الجميلة" بمدينة نابل التونسية وبين ممارسة الرسم والنحت والأعمال التركيبية على مدار سنوات طويلة، وتغلب على معظم أعمالها تشكيلات لأجساد غرائبية في تكوينها وتعبيراتها، لكن تربطها صلة ما في الواقع.
الشخصيات التي ترسمها الفنانة التونسية مستمَدّة من ذاكرة الطفولة، حيث كانت تلعب بالأحجار وعرائس القصب وتلهو في حقول الزهور مع جدّها الذي يرعى الأغنام، إذ تتكرّر تلك المشاهدات التي تمثّلها نساء، لكن بملامح طفولية غالباً، وحيدات أو يتشاركن الحديث والجلسات.
"أحاديث العشيات" عنوان معرض ربيعة الرينشي الذي يُفتتح عند السادسة من مساء الأربعاء المقبل في "مركز كتارا للفنون" بالدوحة، ويتواصل حتى نهاية الشهر الجاري، ويضمّ مجموعة من الأعمال الجديدة التي يشكّل اللون عنصراً أساسياً فيها.
في إحدى اللوحات، تتداخل ثلاثة أجساد أنثوية بلا حدود فاصلة بينها، وتظهر أطرافها متضخّمة الشكل وتنتهي بثلاثة أصابع فقط، وتحضر ألوان زرقاء وأرجوانية وبرتقالية مبقّعة بنقاط في أماكن مختلفة، وتبدو نظرات النساء هادئة تنظر إلى بعضها بعضاً أو إلى محيطها.
ثمّة تعاطف مشترك بين جميع الشخصيات داخل كل لوحة، في جلسات عفوية تتسامر في المساء، وكذلك حركات جسدها، كما في لوحة تُظهر امرأتين تجلسان بشكل مخالف، حيث تستلقيان وهما تراقبان السماء، وتظهر حقول الورد وكأنها جزء من ثوبيهما، تتراكم ألوانها طبقات خضراء وزرقاء وبنفسجية وفوقها زهور بأشكال متنوّعة.
في تقديمها للمعرض، تشير الرينشي إلى أن "أحاديث العشيّات" ترتبط بكثير من الصور الذهنية التي تنطبع في ذاكرتها الطفولية، صور تعيدها إلى طراز الحياة التي عاشتها في الصبا، والتي قد لا تختلف كثيراً عن حياة كثيرين تعني لهم جلسات العشيّات وأحاديثها الممتعة الكثير.
تمثّل الزهرة عنصراً يتكرّر في معظم اللوحات المعروضة، وكأنها العلامة التي تحيل تلك العوالم الفانتازية إلى واقع محسوس ومرئي ومحدد، لكن الشخصيات الأنثوية التي تكتسي بالورد ساهمة تسكن أحلامها وتخيّلاتها التي لا تتصل بواقعها.
من جهته، يبيّن أستاذ الفلسفة عماد عبد الوهاب أن الفنانة تعمد إلى خلق علاقات غير منطقية بين عناصر وشخوص لوحاتها، متجاوزة كل ما هو تقليدي ومتعارف عليه، حيث يشكّل الجسد أداة رئيسية في التعبير، لتصل للحالة الخيالية المرتبطة بالانفعال النفسي الداخلي الحاد.