رحل اليوم الأربعاء الفنان التشكيلي المصري محمد الطراوي (1956 – 2022) في القاهرة، والذي كان أحد أبرز الفنانين في بلاده الذين تبنوا الانطباعية في تجريته التي امتدّت حوالي ثلاثة عقود، إلى جانب عمله رسّاماً في الصحافة المصرية.
حاز الراحل درجة البكالوريوس في الغرافيك من كلية الفنون الجميلة في العاصمة المصرية، وعمل منذ بدايات الثمانينيات رساماً في مجلة "صباح الخير"، كما ترأس تحرير مجلة "الخيال" التي تصدر عن قطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة.
نزع الطراوي منذ معرضه الأول بدايات التسعينيات إلى أسلوب انطباعي في رسم الأمكنة باستخدام الألوان المائية التي لم يتخلّ عنها حتى رحيله، حيث بدأ بتصوير مشاهد من الطبيعة بواقعية قبل أن ينتقل إلى التجريد مركزاً على حركة الجسد وتفاعله مع المكان، وتوزيع الظلّ والنور في سعي لإبراز البعد الدرامي في اللوحة.
في رسمه للبيوت التي تقع بالقرب من النيل، والمراكب الشراعية التي تعبر مياهه، والأشخاص الذين يسيرون على ضفافه، اهتمّ الطراوي بالتكثيف اللوني الذي شكّل عنصراً أساسياً في بناء عمله، إلى جانب إضفاء الفانتازيا على المعالجات التقنية.
خصص العديد من لوحاته لرسم واحة سيوة وبحيرة المنزلة وساحل رأس البر حيث التقاء نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط والأقصر، وغيرها من الأماكن في أوقات مختلفة من الليل والنهار، وفي ظروف مناخية متفاوتة كذلك تحت تأثير الرياح والأعاصير وغيرها من عوامل الزمن، وفي تنويعات مختلفة لمنظر البيوت التي يحتضها الجبل أو تبدو جزءاً من نسيج النهر.
تهيمن الألوان الزرقاء والزيتية والصفراء التي تتسم بها البيئة المصرية على لوحته التي تأخذ فيها الحركة اتجاهين متضادين لإظهار التناقضات بين تشكيلات المكان، مولياً عنايته لأثر الضوء على اللون والمناخ النفسي للمكان وطاقته التي تترك تأثيرها على الساكنين فيه.
ويشير الناقد سيد هويدي إلى أن الطراوي "حرص على استخدام تقنية جديدة بخامة الألوان المائية، وهي إحداث تأثير ضبابي يحيل اللون إلى كتلة مبهمة، وليس تسجيلاً جزئياً للوحدات البصرية صراحة. تلك المعالجة التي تتلاشى فيها حواف نهايات اللون فتحدث مناخاً ضبابياً وظفه الفنان بذكاء شديد ضمن نسج متماسك للعمل الفني بدون نشاز وفي تنوع يضفى ثراء، إذ استطاع أن يضيف للمنظر الطبيعي إيقاعاً جديداً يجمع بين نقيضين قلما اجتمعا: الرسم بمعناه الحرفي والتقني، واختلاف بيئة اللون الذي يخلق تأثيراً درامياً للمشهد" .
شارك الفنان الراحل في عدد من المعارض الشخصية والجماعية في النمسا وإيطاليا وسويسرا وفرنسا والولايات المتحدة والصين واليمن وليبيا والكويت والسعودية والإمارات.