رحيل نصر الدين العسالي.. طبقات من الحلم والتجريد

27 اغسطس 2023
نصر الدين العسالي
+ الخط -

على مدار أكثر من أربعة عقود وفي مراحل متعددة من تجربته، قدّم الفنان التشكيلي التونسي نصر الدين العسالي، الذي رحل أمس السبت، أسلوبه الخاص في رسم البورتريه والطبيعة والحياة اليومية في المدينة بلغة تراوحت بين الانطباعية وبين التجريدية، ضمن مناخات من الغنائية اللونية.

درس الراحل، الذي وُلد في بلدة بن عروس بداية ستينيات القرن الماضي، في "معهد محسن العياري" بتونس العاصمة، حيث بدأ الرسم في سن مبكرة قبل أن يبلغ العاشرة، وأقام أولى معارضه في "دار الثقافة المغاربية ابن خلدون" عام 1983.

يشكّل اللون العنصر الأساسي في لوحة العسالي الذي قدّم في لوحاته مشاهد عديدة من طفولته وذاكرته المكانية، بما يحاكي عملية التوثيق لمعايشاته مع الناس والأحوال، ومن المشاهد التي استحوذت على بداياته في جبل بُو قَرْنِين في الشمال الشرقي التونسي قرب مدينة حمام الأنف، والذي مثّل شغفه بالطبيعة الصامتة في احتفاء بالضوء وتبايناته.

عمل لنصر الدين العسالي
عمل لنصر الدين العسالي

برز اسم العسالي في مطلع الثمانينيات إلى جانب اسماء فنانين مثل أحمد معاوية ورمضان أولاد عيسى والحبيب الشريف ونور الدين الرياحي، لكن تمايز بتلك النزعة الحالمة في تناول المنظر الطبيع أو في رسوماته التجريدية التي تعتمد طبقات من اللون بتشكيلات هندسية وزخرفية أحياناً، أو فوضى لونية تحاكي تقلبات الطبيعة وتضاريسها المختلفة.

وفي بعض الأعمال التجريدية، يذهب العسالي إلى انبثاق الضوء في مساحات ترابية بنّية في صيغ نورانية، أو في تقديم حركة لونية بإيقاعات ديناميكية توحي بالحياة، أو توليد طاقة تعبيرية بحيث يمكن تأويل اللوحة التجريدية بمستويات متعددة.

يشير الشاعر والكاتب البشير عبيد في مقال سابق له إلى أن "أغلب لوحات العسالي تتجلى فيها عوالم الروح بكل تعبيراتها وطوافها وحليقها الخلاق في فضاءات الدهشة والحلم وهروب الكائن البشري من أدران الحياة وما تحملها من انكسارات وخيبات وطموحات وآمال وأحلام"، موضحاً أن ثمة صلة قوية بين اللوحة والواقع وإن بدت منفصلة عنه.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون