(شذرات)
1
حيّة ستبقى هذه الفضاءات مثل الريش.
2
أكتبُ
كمَنْ ينحني على الجسد الذي يعشقه.
3
تلك التي تسحَرُ الضِّفَافُ تصل بلا حرسٍ يرافقها عدا الرغبة.
خيطٌ يقودُ خارجَ الفكرِ.
4
مَنْ كان يتكهَّنُ بهجراتِ الشتات، كتابات دموية، وأراضٍ لِلعقاب؟
5
خريطة
صورة إنسانٍ راكع تنمو لمَّا أبقى وحيداً، أنظر حولي وأعيد فتح ذاكرتي.
6
أغنية قاتمة تُرْعِشُ سلام الخشب.
7
يُحادِثُ الليلُ الأبوابَ.
8
يجلِدُ شخص ما رجلا ولا يبكي.
9
إنه الليل في بوينت كومانا.
هنا ينسى المرءُ ذاته. لست أفكرُ، أضيِّعُ مرأى عمري، لست حتى أحسُّ ذاتي. أنا أعرف فقط أنني أمشي، أمضي وآتي، أعبُرُ دون إدراك.
10
قريبٌ مثل بدلتي،
بعيدٌ مثل مركبٍ بعد الوداع.
11
لم يكن لدينا شيءٌ وكنا رائعين.
12
أزِحْ جسدَك مِنَ المرآةِ
و
اجْبِرْهُ على أن يكون غيمَةً.
13
عيناك حيث ينفجر غضب المناطق الاستوائية،
عيناك اعتادتا على عتمة أوراق الشجر،
عيناك اللتان تعرفان فقط كيف تبحران نحو الإفراط
لا تقاومانِ
السعادة.
14
أقتحمُ
الشمس الملطخة لنظرتِك - الوردة المفقودة.
15
الجزيرة،
طائرٌ أسودُ،
جذوةٌ مستديمةٌ
سفرٌ إلى حيث كلُّ شيْءٍ يلُفُّ،
جنتي، غصني، فيضاني
قد فقدتُهُ
مَن أخذ الزمردة؟
رطوبة أضواء هاربة.
قد فقدتُهُ
وسقطت بغتة
في دوار الأيدي اليائسة.
الموجة،
الماس العيون
جُرحٌ يستبقُ الزمَنَ،
زبدٌ مُقدَّسٌ على شفتيَّ إلى الأبدِ.
16
قد وهبتِني الخطوة التي سأمضي بها
نحو الفتنة.
17
هوامش شهوانية تطاردُ ظلاً محموماً.
18
أتيتُ إلى فضاءاتٍ جريحةٍ، وفي فمي يحزنُ الفردوسُ.
19
اليوم أستعيدُ ذاكرةَ مملكتك.
أمضي معك إلى أسواق صاخبة حيث ثمَّة نساءٌ من جلدٍ
نحاسٍ يبِعْنَ أوراقاً، للأرصفة الممتلئة بالفواكه،
للسافانا الكبرى حيث يعثرُ العُشَّاقُ
العتمة لرؤية الذاتِ.
أتنزَّهُ بجوارِك عبر المدينة، ونقطعُها مثل مَعْرِضٍ،
مرّةً أخرى نحن في فرحٍ.
20
في هذه المدينة لا أحد يسمع الريحَ،
ولا أوراق الشجر التي تنحني نحو الأرض مثل أنصابٍ تذكارية
ولا جسد من التماعات قاهِرةٍ
ولا الآبار المرتعشة. هذا منفاك، ذاكرتك.
21
عرفتُ ذاتي بجوارك على العشب
كنسيانٍ مُطلقٍ.
22
أنمو
من اختفائك.
لم أكن أرغب في الرحيل.
فوق الذاكرة فقط يعيش الطحلب.
أتيهُ.
الزمن يدفعني نحو مائدته المالحة.
أعود.
تولد امرأة دونما توقفٍ.
"هما شلنان
لتأخذهما إلى حيث ترغبُ".
أصغوا،
السعادة فقط
تكلف شلنين.
هي تنبثقُ من الزبد،
لكني لا أتذكر شيئا أكثر، لا شيء، الليلة في داخلي.
23
كان الماء ساطعًا، لكن لا يوجد بئر مثل البئر
الذي يتبدَّى في الحلم.
24
العيون البريئة تستعيدُ أراضٍ مفقودةً.
25
قد عدتُ.
جنحتِ العيونُ إلى شاطئ غير مضيافٍ.
أحملُ خصلاتِ الصوف المتلبدة البنفسجية من أصولها، الليل الراكد
في عيون أسماك التونة، وجه الأرض في تخومهم
غير مؤلمة، قيلولاتٌ حيث يدوي صوتُ الجُرُوفِ،
غيوم تشتعلُ، طعامٌ من جوهرٍ نادرٍ، وهجُ
أوراق ضخمة
وأيادٍ من أزمنة سحيقة.
26
استيقظتُ مع ضوء النهار
مثل طفل لمَّا كان ثمة سفرٌ في البيتِ.
فوق آثار أقدامي كانت تحلقُ الطيورُ ذاتها
مُثقلة بالشمس
الريح،
والرذاذ.
دوَّتِ السَّواحلُ للمرة الأخيرة، تعوَّدَ
جسدي على المشي من جديد وبالملحِ المفقودِ
بنيتُ بُرجاً
مُلتهِباً.
27
تنمو وردة الظهيرة فوقَ الندوب.
* ترجمة عن الإسبانية: خالد الريسوني
** Rafael Cadenas شاعر وكاتب فنزويلّي من مواليد باركيسيميتو، 1930. شكَّل جزءاً من مجموعة "المائدة المستديرة" في منتصف الخمسينيات، عندما كان ناشطاً في الحزب الشيوعي الفنزويلي. سُجن ونُفي إبَّان ديكتاتوريَّة ماركوس بيريز خيمينيز، ولجأ إلى جزيرة ترينيداد حتَّى عام 1957. نال العديد من الجوائز، آخرها "جائزة ثربانتس للأداب". من أعماله الشعريَّة: "أغانٍ أولى" (1946)، و"الخسارة" (1963)، و"عراء" (1977).