رحل الخميس الماضي الفنان التشكيلي السوداني، صلاح سليمان بخيت، في مدينة كارديف البريطانية، التي استقرّ فيها منذ اضطراره إلى مغادرة بلاده عقب الانقلاب الذي قاده رئيس النظام السوداني السابق عمر حسن البشير عام 1989.
وُلد الراحل بداية ستينيات القرن الماضي في مدينة ود مدني (185 كلم جنوب الخرطوم)، وتخرّج من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في العاصمة السودانية، وتعدّدت اشتغالاته بين الرسم وتصميم الملصقات للعديد من المسرحيات التي أُخرجت في الثمانينيات، إلى جانب نضاله ضدّ السلطة من أجل حريّة التعبير والديمقراطية.
كان أحد الفنانين التشكيليين الذين تعرّضوا للاعتقال في ما سُمّي "بيوت الأشباح" التي عُذِب فيها العديد من الناشطين السياسيين حتى الموت، على خلفية قيامهم بالمظاهرات والإضرابات المدنية بداية التسعينيات، كذلك غُيِّب بعضهم قسراً، ولم يُعرَف مصيره حتى اليوم.
أُجبر بخيت على مغادرة السودان إلى منفاه البريطاني، حيث قضى معظم حياته هناك، مدافعاً عن الحريات العامة، من خلال تصميمه العديد من الحملات الحقوقية من أجل إطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين السياسيين خلال العقود الثلاثة الماضية، وخاصة الصحافيين والمثقفين، بالإضافة إلى تصميم عشرات البوسترات التي انتشرت بشكل واسع بعد قيام الثورة السودانية في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018.
برع الفنان الراحل في رسم البورتريهات للعديد من الشخصيات الثقافية والسياسية السودانية
وبرع الفنان السوداني في رسم البورتريهات للعديد من الشخصيات الثقافية والسياسية، مثل الشاعر والمناضل السوداني محمد المهدي المجذوب (1919 – 1982)، وحماد توفيق حماد (1906 – 1978)، و محمود محمد طه (1909 -1985)، كذلك رسم وجوه أناس بسطاء وعاديين بأسلوب يمزج بين الواقعية والسوريالية يعكس طبيعة الحياة القاسية والصعبة التي يعيشونها.
ونعاه العديد من المثقفين والناشطين السودانيين، حيث كتب عثمان الأمين محمد على صفحته في فيسبوك: "أخطرنا فقط لنستعد للفاجعة. فجعت مرتين يوم اقتادكم ذلك المعتوه عديم الإنسانية أنت ورفاقك التشكيليين لبيوت الأشباح، وفجعت اليوم برحيلك السريع. كنت أمنّي نفسي بأن ألقاك قادماً من المهجر وأفرد ذراعي لاستقبالك، ضاحكاً كما استقبلتكم وأنتم خروج من موت بيوت الأشباح صناديد وبشموخ سوداني خالص".
أما تماضر أبو زيد، فكتبت: "إننا إذ ننعاه ننعى فيه دماثة الأخلاق ودوره الوطني والنضالي الكبير، فقد ساهم الفقيد الأستاذ صلاح سليمان في كل الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي أقامتها الجالية منذ مجيئه إلى مدينة كارديف، كذلك فإنه لعب دوراً كبيراً كفنان وطني تشكيلي في إسقاط نظام 30 حزيران/ يونيو 1989 عبر لوحاته التشكيلية العديدة المعبِّرة عن قضايا الحركة الجماهيرية السودانية، ومن خلال مشاركاته الثورية في المظاهرات الجماهيرية في مدينة كارديف أمام مبنى البرلمان المحلي في ويلز، فضلاً عن مشاركاته العديدة في المظاهرات التي أقامها الحراك الثوري السوداني في المملكة المتحدة أمام كل من مبنى البرلمان البريطاني المركزي وأمام سفارة الجبهة الإسلامية القومية في لندن".