فقد المشهد الثقافي السوداني، اليوم، اثنين من أبرز أسمائه الأدبية، مع رحيل كلّ من الروائي عيسى الحلو، الذي غادر عالمنا صباح اليوم في الخرطوم عن 77 عاماً، والشاعر محمد طه القدال، الذي رحل في العاصمة القطرية، الدوحة، في ساعةٍ متأخّرة من ليل الأحد ــ الإثنين عن 70 عاماً.
وُلد عيسى الحلو في مدينة كوستي، جنوب الخرطوم، عام 1944، ودخل عالم الكتابة والنشر مبكّراً، حيث ظهرت أولى نصوصه السردية في صحف سودانية بدءاً من 1959، في حين صدرت مجموعته القصصية الأولى، "ريش الببغاء"، عام 1963 عن "دار الحياة".
وخلال مسيرته الإبداعية التي امتدّت لستة عقود، أصدر الحلو العديد من الأعمال في القصة القصيرة والرواية التي جعلت منه واحداً من أبرز الكتّاب على الساحة السردية السودانية، إلى جانب عدد من الأسماء، مثل الطيّب صالح، التي ساهمت في نقل فن القصة القصيرة، ولاحقاً الرواية، في السودان، إلى مساحات جديدة.
من الأعمال القصصية التي نشرها الحلو مجموعات "الوهم" (1971)، و"وردة حمراء من أجل مريم" (1998)، و"أختبئ لأبحث عنك" (2003)، و"قيامة الجسد" (2005)، و"رحلة الملاك اليومية" (2008)؛ في حين أصدر في الرواية أعمالاً مثل "حمّى الفوضى والتماسك" (1972)، و"صباح الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل" (1997)، و"عجوز فوق الأرجوحة" (2010)، و"الورد وكوابيس الليل" (2013).
وفي حوار سابق لـ"العربي الجديد" معه، كان الحلو قد أظهر تواضُعاً في حُكمه على تجربته الكِتابية الطويلة، حيث أشار إلى عدم رضاه عن كلّ ما سبق له نشره، معللا ذلك بالقول: "لم أقل بعد ما أريده. يبدو أن ما أريد قوله ضخمٌ جداً وغامض، إذ كلما حاولت قوله أجده أفلتَ، لذا لا أحبّ أيّاً مما كتبت، أحس أنه تضييع للوقت... شيء لا جدوى منه".
ورغم توقيعه ما يقرب العشرين كتاباً، أشار الحلو، في اللقاء نفسه، إلى تفضيله القراءة على الكتابة: "أحبّ القراءة أكثر، ففي القراءة يُبدع القارئُ العالَمَ بخيال خلّاق وغير محدود ولا محدّد. أمّا في الكتابة، فالخيال يتحدّد وينحبس بين دفّتي الكتاب ولا يمكن تغييره. باختصار: الفرجة على العالم أسهل من صناعته بكثير".
أمّا الشاعر محمد طه القدال، فقد وُلد في قرية حليوة، جنوب شرق العاصمة الخرطوم، عام 1951، وكان واحداً من أبرز الشعراء السياسيين والناقدين للقمع والاستبداد في السودان، وهو ما عرّضه للاعتقال والتوقيف أكثر من مرّة خلال مسيرته، كما حصل عام 2018 خلال مشاركته في احتجاجٍ بالخرطوم.
كتب القدال العديد من القصائد والأغاني بالعامّية السودانية على وجه الخصوص، وقام فنانون، مثل مصطفى سيد أحمد، بتلحين بعض أعماله وتأديتها، كما جُمع عددٌ من قصائده وأغانيه في ديوانٍ حمل عنوان "غُنوات لحليوة" وصدر عام 2009.