في ستينيات القرن الماضي، قدّم فريد بلكاهية وعدد من مجايليه من الفنانين المغاربة من أمثال الجيلالي الغرباوي وأحمد الشرقاوي، رؤيتهم في الحداثة المغربية من خلال البحث عن جذور فنية في التراث الأمازيغي والعربي والأفريقي عموماً.
ذهب الفنان المغربي (1934 – 2014) إلى التجريب من خلال استخدامه مواد كالنحاس وجلد الكبش وأصباغ الحناء، وتوظيفه لرموز وإشارات مستمّدة من الثقافة الشعبية لبلاده مثل حرف تيفيناغ (الأبجدية الأمازيغية)، وأنماط السجاد التقليدية والوشم وغيرها.
"فريد بلكاهية – تحف فنية مرسومة: رشمات، منحوتات، طباعات ليتوغرافية وطباعة على الشاشة الحريرية" عنوان المعرض الذي افتتح في العاشر من الشهر الجاري في "متحف فريد بلكاهية" بمدينة مراكش (325 كلم جنوب الرباط)، ويتواصل حتى نهاية الشهر المقبل.
يستكشف المعرض التقنيات المتنوّعة التي استخدمها الفنان الراحل عبر تقديم نماذج مختارة من أعماله التي تعبر عن مختلف اتجاهاته وتجاربه، والتركيز على إنتاجه الغرافيكي خاصة تلك التي استعمل فيها تقنية الرشم وطبَع منها عدداً محدوداً من النسخ، وهي ترتبط بما هو حميمي وشاعري وبمؤلّفات الفنانين التي تجمع بين النص والصورة والملفات التي كان قد صمّمها لعدد من أصدقائه الشعراء والكتّاب.
يستعيد المعرض أعمال بلكاهية التي عُرضت مؤخراً في "المتحف الوطني للفن الحديث" بمركز بومبيدو الباريسي، حيث يشير بيان المنظّمين إلى أنه "يجب أن يقال إن ممارسة الرسم بالنسبة للفنان الراحل كانت شغفًا يوميًا، وكان إنتاجه الغرافيكي مهمًا، سواء من الناحية العددية أو من خلال الإضاءة التي سمحت لها بتشكيلها على عمله وحياته".
ويوضّح البيان أن "الرسومات العديدة التي جمعها الفنان تشبه احتياطياً من الأشكال والأفكار، ولكنها أيضاً تحاكي الرغبة التي يتم استكشافها من خلال العديد من الممارسات الفنية، ما يمكّن من الاطلاع على أعماله الطباعية التي تم الحصول عليها من خلال عمليات استنساخ مختلفة، مثل النقش والطباعة الحجرية وطباعة الشاشة".
من بين هذه االأعمال، عمل يتضمّن قصائد نفّذها بلكاهية عام 1980 بالليثيوغراف ومزجها بالألوان المائية، ويتألف من حافظة تتكون من أربع عشرة مطبوعة حجرية على أقواس، وآخر أنجزه في التسعينيات وهو عبارة عن طباعة حجرية ملونة على ورق وموقعّة بقلم الرصاص.
يُذكر أن بلكاهية تخرّج من "مدرسة الفنون الجميلة"، ثم سافر غلى براغ حيث درس هناك التصوير السينمائي في أكاديمية المسرح، وعاد إلى المغرب ليدرّس في "مدرسة الفنون الجميلة" بالدار البيضاء ويتولى إدارتها. حتى العام 1974.