توجّه برنامج "مشاريع المختبر" في "مؤسسة خالد شومان – دارة الفنون" لعام 2023، للأفكار التي تتبنى الممارسات التعاونية التجريبية والممارسات التفاعلية بين المجالات الفنية المختلفة، وتمّ التركيز على الأرشيفات والمجموعات، حيث انطلقت في كانون الثاني/ يناير الماضي فعالية الاستديوهات المفتوحة" التي استكشفت أرشيف مجلة "العربي" ما بين عاميْ 1967 و1973.
وكجزء من البرنامج نفسه، اختيرت خمس فنانات بعدما وُجّهت إليهن دعوة للإقامة في المختبر بإشراف الفنان رائد إبراهيم، حيث "عملن على استكشاف أرشيفات عائلية، شخصية وغير شخصية، بحثًا عن التوثيق السردي والبصري لذكريات ومذكرات وشهادات، ولحظات غابت وأخرى لم تروَ بعد"، بحسب بيان المنظّمين.
"في تتبّع الترحال والرحيل" عنوان المعرض الذي افتتح في الدارة مساء الخميس الماضي ويتواصل حتى الخامس عشر من الشهر المقبل، بمشاركة الفنانات أماني عادل، وأرزاق أبو عيد، وآية أبو غزالة، وزينة الغول، وماريا خرزم، وتنسيق الفنان رائد إبراهيم.
يقدم المعرض أعمالًا متنوعة للفنانات المشاركات، حيث تتأمل الفنانة المصرية أماني عادل في التاريخ البصري للأعراس في مصر وتوثيقها منذ مطلع القرن الماضي، بينما تعود الفنانة الفلسطينية أرزاق أبو عيد إلى شهادات عائلية من إجل إعادة تصور الخط الروائي لرحلة فلسطينيي الكويت إبّان الغزو العراقي، من خلال عملها الذي يحمل اسم "أيام لن تعود" حيث تتبعت حكاية والد زوجها نامق الحاج أسعد، وأصوله من بلدة جمّاعين قضاء نابلس، قبل أن يغادرها إلى القاهرة العام 1965 للدراسة، ودرّس اللغة العربية في مدارس "منظمة التحرير الفلسطينية" لأربع سنوات، ومن ثم في مدارس حكومية كويتية حتى العام 1991.
أما الفنانة والباحثة الفلسطينية زينة الغول فإنها تتتبّع رحلة جدّها في الكويت إلى عمّان في ثمانينيات القرن الماضي عبر أرشيفه الشخصي الكبير باعتباره كان هاوياً للتصوير، كما توثق الفنانة الفلسطينية آية أبو غزالة في عملها "اختفاء: إعادة ظهور" هجرات عائلتها المتكررة بين مخيمات اللجوء والسكن المؤقت، وتبرز منحوتات من وحي معالم شخصيّات عائلتها المهجرة، صنعتها من الطين، في محاولة لتثبيت حضور من لا تعرفهم من العائلة.
بدورها، تركز الفنانة الفلسطينية السورية ماريا خرزم في عملها "فينومينولوجيا السؤال"، على رصد تنوّع الأنماط باختلاف أفراد الأسرة الواحدة، بالاتكاء على مجموعة من تسجيلات الكاسيت عثرت عليها أواخر العام 2022، لمكالمات عبر الهواتف الأرضية لجدّها، في منازله التي تنقل فيها بين ثمانينيّات القرن الماضي حتى الألفية الثالثة: دمشق، غزة، رام الله.
تطرح الأعمال المشاركة تساؤلات حول ثنائيات الشخصي والعام، الخاص والتشاركي، المخفي والمُعلن، المؤقت والدائم، الحاضر والغائب، المحكي واللامحكي. كما تستعرض أساليبها الخاصة في السرد وتجاوز حدود الرواية العائلية، وإعادة قراءة التاريخ الشخصي ضمن سياق فضاءات العرض والمساحات العامة.