في كتابه "الأجندة النيوليبرالية لغزو العراق"، يرى الباحث الأميركي كريس دوران أن الدافع وراء احتلال بغداد عام 2003، أتى بسبب التهديد الذي قد يشكله العراق للهيمنة الاقتصادية الأميركية إذا جرى إنهاء نظام عقوبات الأمم المتحدة.
يقدّم الكتاب رؤى جديدة حول الحرب التي لا تزال تلقي بظلالها على السياسة العالمية، ورسمت معالم الألفية الثالثة، حيث ديون بلدان العالم الثالث، ومنها العراق، والوصول إلى أسواق جديدة للشركات متعدّدة الجنسيات، هي التي حفّزت العدوان الأميركي، وليس أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة أو الرغبة التبسيطية للاستيلاء على نفطه.
صدر الكتاب بالإنكليزية عام 2012. ومؤخّراً صدرت نسخته العربية عن "دار المأمون للترجمة والنشر" بترجمة رغد قاسم، ضمن مبادرة "ترجمة مئة كتاب" التي أطلقتها وزارة الثقافة والسياحة والآثار والعراقية.
يطرح العمل العديد من التساؤلات الجوهرية بشأن ذلك الحدث المهم والمصيري، والتي تتعلق بما حدث في أثناء الحرب وقبلها، وما تبع ذلك من فوضى وصراعات داخلية وإقليمية على حد سواء، وهي أسئلة بقيت بلا إجابة.
على رأس التساؤلات التي يثيرها الكتاب سؤال مفاده: هل كانت سياسة الدولة العظمى مجدية وقابلة للفهم؟ كما يشكك الكتاب بالغرض الفعلي لاستخدام القوة العسكرية، وما إذا كان بالإمكان تفسير الحرب من منظور سياسات فردية، أو أن كل ما حدث كان من أجل النفط؟
ويواصل المؤلف تساؤلاته ليطرح قضية جدلية بسؤاله عمّ إذا كانت الإجابات عن أسئلة الحرب تكمن في الرعب الذي أصاب الولايات المتحدة من تهديد العراق للهيمنة الاقتصادية العالمية وأسواق الشركات، وهل ثمة صحة لمزاعم الولايات المتحدة حول أسلحة الدمار الشامل؟
تكمن أهمية الكتاب في أنَّ الإجابات التي يعرضها تُظهر أنَّه "لا مفر من أنّ ما حاق بشعوبنا من جراء هذه الحرب وإسقاطاتها حمل ثقيل، والتغاضي عنه والقفز فوقه لا يجعلنا نمضي قدماً نحو السلام، ليس في العراق والشرق الأوسط تحديداً بل السلام العالمي بمعناه الأعظم والأهم"، بحسب مقدمة المترجمة.
يستند دوران إلى تحليل الاتجاهات في الاقتصاد السياسي العالمي مطلع القرن الحالي، في لحظة توسّع أسواق الرأسمالية في إطار السياسات النيوليبرالية التي حكمت الولايات المتحدة منذ عهد رونالد ريغان وحتى اليوم، مستعرضاً انتهاكات الشركات الكبرى المتحالفة مع السلطات الأميركية وعدوانها على بلدان العالم الثالث.