إذا كان ثمّة عنوانٌ واحد للعام الأدبيّ الحاليّ في فرنسا، فهو، بلا شكّ، "عامُ بروست". ذلك أن الذكرى المئوية لرحيل الكاتب الفرنسي (1871 – 1922) فرضت نفسها، منذ نهايات العام الماضي، بوصفها الحدث الأكثر استدعاءً للفعاليات الثقافية، والمنشورات، والمقالات، والبرامج الإذاعية.
ومنذ مطلع العام، استقبلت المكتبات الفرنسية عشرات العناوين الجديدة التي تتناول صاحب "في البحث عن الزمن المفقود"، مثل الكتابين السيَريّين "مارسيل بروست" لـ إليزابيث دو غرامون و"سنوات مارسيل بروست المستعادة: محاولة في السيرة" لـ جيروم باستيانيلي، و"عالم بروست الواسع" لـ ماتيلد بريزيه، و"مارسيل بروست والزمان" من تحرير إيزايل سيرسا، و"معجم اللذات في البحث عن الزمن المفقود" لـ دومينيك ديفير، و"بروست عاشقاً: سيرة إيروتيكية وعاطفية" لـ ويليام كارتر، على سبيل المثال لا الحصر.
إلى جانب هذا الأعمال، تُصدر دور النشر الفرنسية وتُعيد إصدار العديد من أعمال بروست، ولعلّ من أبرز العناوين الجديدة في هذا السياق كتاب "المحاولات" الصادر حديثاً لدى سلسلة "لا بلياد" في باريس، والذي يضمّ مُجمل كتابات الروائي الفرنسي ضمن هذا النوع الكتابي الذي يُسمّى "المحاولة"، أو المقالة.
وكما يشير الأكاديمي والمختصّ بأعمال بروست، أنطوان كومبانيون، الذي حرّر الكتاب إلى جانب كريستوف برادو وماتيو فيرنيه، فإن صاحب "اللذات والأيام" لطالما كان متردّداً بين نوعين كتابيّين: الرواية والمحاولة، حيث يقوم سردُه على العديد من عناصر المحاولة (الكتابة الحرّة، التساؤل فكرياً حول قضايا شخصية واجتماعية وأدبية وسياسية...)، فيما تميل مقالاته إلى السرد، بل إن بعض النقّاد يختلفون في نسبة مقالاته إلى فنّ المقالة، كما هو الحال في محاولته "ضد سانت بوف"، التي نُشرت أكثر من مرّة بوصفها روايةً.
كعادة الأعمال الصادرة في سلسلة "لا بلياد"، يضمّ الكتاب مجموع ما نشره بروست في المقالة، بدءاً من كتابات الشباب (السابقة على عام 1911) ووصولاً إلى "معارضات وتنويعات" (1919) ومقالاته النقدية وآرائه المنشورة في الصحافة، إلى نصوص معروفة مثل "ضدّ سانت بوف" و"حول القراءة"، وكذلك المقالات والملاحظات النقدية التي وضعها المؤلّف إبّان كتابته روايته الأشهر، "في البحث عن الزمن المفقود".