1
المجنون أكثر الكائنات حشمةً
إنه لا يلاكم أحداً من خارج نفسه.
2
بما أن المصارعة حرّة
والضرب تحت الحزام متاح
نصيحة للنساء:
سدّدن اللكمات على ضلع آدم الناقص
هناك، حيث مصنعكن.
3
يُعلّموننا في المدارس
كيف نطلي الصمت بكل سخافات اللغة الممكنة
يلوّثون صمتنا الأصلي
حقيقتنا الوحيدة.
4
دماغي يصنع خطوطاً في هواء الغرفة
ينسج شباكاً ثم يطويها كصيّاد خائب
يشغل نفسه في تخيّل نفسه
في ملاحقة كرات كيميائيّة وهي تعبر خلاياه الطويلة الأرجل.
إذا كنّا الصورة في المرآة،
فأين الأصل يا ترى؟
5
مجرّد قصيدة سريعة قبل أن نبلغ الأربعين
ونبدأ في نفخ أنفسنا بالسيليكون
مستحضرات العناية بالوجه والشعر والأظافر
مستحضرات العناية بجثثنا الفاتنة
التي تمشي كل يوم أمامنا
تسبقنا إلى أسواقٍ يبيعوننا فيها معلّقات أو متدليات
لكن دائماً من دون فكرة
تعكّر لون أحمر الشفاه.
6
استلقى رجل عند الظهيرة
فخرجت من ضلعه امرأة ترتدي الميني جوب
"شبّيك لبّيك" قالت، ثم قهقهت إلى الأبد
وهربت إلى اللوحات الإعلانية على الطرقات.
7
فلتنبت الآن نافذة
وفي النافذة فتاة متكئة
وخارجها مدينة
وفي المدينة عظام تتخّ داخل قبورها
ومطاعم لا تقدّم الطعام للمشرّدين
وماضٍ في أحد الجيوب الخلفية
ليكن الوقت بعد ظهر يوم أحد لم يذهب فيه مؤمن إلى الكنيسة،
فتختار الفتاة أن تقفل نافذتها وتنام.
8
تحيّتي إلى الشوارع الفارغة
إلى النادل يرطن بالإنكليزية قبل أن يطرد الزبون الأخير
إلى أسنان ترنّ كالأجراس في النايتات
تحيّتي إلى من خرج الآن من الزقاق
حيث الوقت محتجز
لا بدّ أننا يا رفاق جميعاً
حزانى حزانى
ثمة دببة تنقرض في الصين
ومركبات أميركية تنفجر على بلوتو
ونجمة سينمائية تكسر كعب حذائها
ثمة طفل فلسطيني يلهو بقنبلة عنقودية
فيما أنكر ونكير يلعبان الشطرنج.
9
أذكر يا جدّتي
أن القوّة كانت فلسفتك الوحيدة رغم أنك لم تقرأي نيتشه
كنت تعرفين الآر. بي. جي
وتسمّين هتلر أبو علي
جررتِ قلبك كعنزة حرون
في طرقات بيروت التي تجهلينها
لكنك لم تحسبي حساب شريانك الصغير
الذي قرّر أن يوقف أعماله
هكذا
فجأة دون سابق إنذار.
10
ما زلتُ مصرّة على كسر المرآة
لأجرّ الأشخاص الذين في الداخل من شعورهم
وأجبرهم على اللعب معي قليلاً
ما زلت عالقة هناك
خلف الكنبة الحمراء حيث قابلت شهرزاد وروبن هود
قبل أن تعود أمّي من العمل مساء.
11
عليك فقط
أن تغمض عينيك
كشرطي سير لامبالٍ
وتسمح للحياة بالمرور.
* شاعرة وكاتبة لبنانية تعيش في أميركا. أستاذة في قسم الدراسات الأوسطية بجامعة وين ستايت. صدر لها في الشعر "صلاة الغائب" (2005)، "بوّاب الذاكرة الفظّ" (2007)، "فراشة ميّتة بعد إطباق كتاب عليها" (2013). وفي النثر: "غيابك الصامت والعميق كمياه خطرة" (2013). وفي الترجمة: "إقليديسيات" لأوجين غيوفيك (2008). شاركت في تأسيس وتحرير مجلة "نقد" وجريدة ودار "الغاوون" للشعر. عملت كمديرة للقسم الثقافي في جريدة "أوان" ومحرّرة ثقافية في جريدة "النهار" اللبنانية. لها تحت الطبع رواية بعنوان "عودة إيمّا".