"ملاجئ الجسد والخيال".. هل للحيوانات حسٌّ جمالي؟

21 يوليو 2023
"خشب وجذور" للفنانة الأرجنتينية لاورا ليو، 2008
+ الخط -

لطالما سحرتنا، نحن البشر، قدرة وبراعة الحيوانات على البناء والعمارة. فمنذ أيام التاريخ الأولى، علّم الغراب قابيل كيف يبني قبراً لأخيه المقتول هابيل. كما أنّ كلّنا يُدهش من البراعة والبساطة التي تبني بها العصافير أعشاشها، وكذلك الأمر مع النمل. أمّا العناكب، فعلى الرغم من هشاشة بيوتها، إلّا أنّها قادرة على بناء متاهات أكثر تعقيداً من تلك التي وصفها  بورخيس. كيف تتمكن الحيوانات من ذلك كلّه، وهل يستطيع الإنسان أن يستفيد من تقنياتها في الفن والعمارة؟

عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب الفنانة الأرجنتينية لاورا ليو (1967)، في دراستها التي صدرت حديثاً تحت عنوان "ملاجئ الجسد والخيال"، عن دار "إسميتريكاس"، المتخصّصة بدراسات الفن والعمارة والتصميم.
 
تبحث الفنّانة الأرجنتينية في كتابها كيفية دراسة وابتكار علاقات جديدة، يُمكن إنشاؤها بين تقنيات الحيوانات في البناء والعمارة والفنّ المعاصر، كذلك تُشير إلى التقنيات التي تعلَّمها الإنسان من الحيوان على مرِّ التاريخ، والتي ساهمت بدورها في تطوُّر فنّ العمارة.

ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول. في الفصل الأول "ماذا يمكن للحيوانات أن تفعل خارج موطنها؟"، تعيد ليو صياغة سبينوزا وتعتمد على إشارات فيثاغورس، وديكارت، وشوبنهاور، وجاكوب فون وغيرهم، في تعريف النموذج الذي نعيش فيه وتصوّراتنا عن الحيوانات عبر التاريخ.

وتذكّرنا الكاتبة كيف كانت هناك حركة بشرية نحو المدن (الهجرة)، على نحو خاص طوال القرن الماضي، وقد حدث تهجيرٌ مماثل للحيوانات من موائلها، فقد "سلبناهم قرَابةً مُتَّفقٌ عليها منذ فترة طويلة داخل المجتمعات الزراعية، وبذلك تحوَّلت البيئة الريفية إلى مُحيط حضري، أصبحت فيه الحيوانات البرّية أو المنزلية، نادرة". يفترض هذا الأمر تشويهاً في العديد من جوانب حياتنا، ممّا وضعنا جميعاً في موقف حَرِج، وأدّى إلى فقدان المعنى الرمزي الذي كنّا قد أعطيناه سابقاً للحيوانات، وهذا ما أفقر علاقتنا مع العالَم.

غلاف الكتاب

في الفصل الثاني من الكتاب "المعماريون الآخرون"، تتوقّف الفنانة عند عادات البناء والعمارة لدى النمل الأبيض، والنحل والدبابير والعناكب والطيور وبعض الثديّات. وتتساءل هل لديهم أيضاً حسٌّ جمالي؟

وفي الفصل الثالث من الكتاب "وظائف بيئية"، تُذكّرنا ليو بطبيعة المجتمعات التي نعيش فيها، والنظرة النفعية للأشياء، وتُقارن بين تقنية "تقليد الطبيعة" أو "المحاكاة الحيوية"، التي يُمارسها الإنسان، وبين "الزومورفيسمو"، وهي تقنية تحدّد أوجه التشابه الشكلية بين المظهر الخارجي لأجسام الحيوانات والجزء الخارجي للمباني.

 أمّا الفصل الرابع والأخير "أصداء في الفنّ المعاصر"، تسلك الفنانة طريقاً شديد الوضوح وذلك من خلال المقارنة بين النشاط الحيواني ونشاط الفنّانين، ومُراجعة أعمال العديد من الفنّانين الذين يعملون إمّا بالتعاون مع الحيوانات أو يستوحون من أساليبها. 

المساهمون