رنين
لِعُملة الخلود رنينٌ كهذا:
قراءة "البومة العمياء" لصادق هدايت على موسيقى رافي شنكر.
■
تفوّق
كَمْ تلميذٍ، عبْر التاريخ، تفوَّقَ على معلِّمه.
لكنَّ أحدًا لم يفعل، حتّى الآن، أكثر مِمّا فعل تلامذة الماركيز دو ساد.
■
الجدوى
ثلاثُ معلوماتٍ عن الذّباب
تقي من عدّة أمراضٍ
ثلاثون عن الإسكندر الأكبر
لا تقود إلى أيّ مجدٍ.
■
مرآة
الضّحالة:
أن يرى المرء صورته حتّى في الوحل.
■
العمى
العيون السّحرية ترصّع الأبواب
الكاميرات تجتاح الأمكنة
الشّاشات من مختلف الأحجام تبثُّ العالمَ في مختلف الأوضاع
...
الاستعدادات جارية على قدم وساق لاستقبال جلالة العمى.
■
مفارقة
سمعت أنّ ستروماي جنى من الجذر المربّع أكثر ممّا فعل فيثاغورس.
لكن، مَن يكون ستروماي هذا؟
■
ترسانة
التّرسانة رمز للضّعف لا للقوّة، للخوف لا للشّجاعة، وللدّفاع لا للهجوم...
التّرسانة قريبةُ التُّرس والمِتراس، وشتّان بين مَن يَتَمَتْرسُ ومَن يَنْبَري.
في جُلِّ دُوَلِ المَعْمور، للتّرسانة وزارة يُقال لها: وزارة الدّفاع، وترجمتها السّيكولوجية: وزارة الخوف.
حتى الدول العظمى التي تستعمر وتحتلُّ وتتوسّع وتعتدي وتهاجم، مُعتَدّةً بترسانتها التي ترتعد لها فرائص العالم، تُسمّيها وزارة الدّفاع لا وزارة الهجوم: هكذا، يتمترس العدوان خلف اللغة.
...
فعند هذه، عند اللغة:
الكلُّ يدافع
ولا أحد يهاجم
فمِمَّ خوفك أيّها العالم؟
■
مزاد
الحقيبة الصغيرة التي جمع فيها رائد الفضاء نيل أرمستونغ أولى العيّنات من سطح القمر، بيعت في مزاد علنيّ، وبها بقايا حصىً وغبار منه، بأقلّ من مليونَي دولار.
في نفس الفترة بيع، في مزاد آخر، الحبل الذي شُنق به صدّام حسين بسبعة ملايين.
ياه، سبعة ملايين؟
سبعة ملايين دولار تكفي لفتل حبل يمتدّ من السّماوة إلى السّماء.
■
أرواح
قبل سنوات قرأتُ خبرًا مفاده أنّ بعض العلماء الألمان توصّلوا إلى أنَّ كتلة الرّوح تساوي واحدًا وعشرين غرامًا. لقد كان الخبر شحيحًا، فلم يُورِدْ ما يكفي من التفاصيل...
وكأنْ لا فرق بين روحٍ وروحٍ:
بين روحِ طفلٍ وروح شيخٍ
بين روحِ إنسانٍ وروح حيوانٍ
بين روح فنّان وروح طاغيّة
بين روح ضفدعةٍ وروح عصفور
بين روح زهرةٍ وروح حصاة.
لكن، كيف توصّلوا إلى ذلك؟ هل كانوا يطرحون الجسد ميّتًا منه حيًّا؟ وإذا كانوا قد فعلوا حقًّا، فهل ما حصلوا عليه هو كتلة الرّوح فقط، إذ أين كتلة الأنفاس والخوف والأحلام...؟
ثم كيف؟
كيف نطرح الظّلَّ من الشجرْ
والعطر من الوردة
والضّوء من القمرْ؟
أوَليست الرّوح توأم الشّعلة؟ فلا كتلة للأولى في غير موازين الحياة كما لا كتلة للثانية في غير موازين النّور.
الجسد شمعة شعلتها الرّوح، فإمّا انطفأت أفل عائدًا إلى مداره في درب الصّلصال.
أما أولئك العلماء، فما أُوتوا من خزائن العلم إلّا زهاء واحد وعشرين غرامًا.
■
مسوخ
لقد كان ليوناردوا دافنشي فنّانًا عبقريًّا بمقاييس كلّ العصور، ولأنّه مثل "الآيس بيرغ"، فإنّ الموناليزا هي الجزء الظّاهر منه. أمّا الأجزاء الأخرى فقد ظلّت مغمورة بمياه النّسيان، وهي المياه التي تستحقّ مِنّا مغامرة الغوص، إذ سنجد الكثير من النّفائس التّي أسفرت عنها مخيّلته الشّاسعة.
ومخترعًا فذًّا كان. فمِن بين تخطيطاته تصميماتٌ لآلات تشبه المدافع والدبّابات والطّائرات...
لكأنّه كان رائيًّا.
فبعد قرون من رحيله، جاء أفذاذ آخرون، أفذاذ من فولاذ، وأَلْبَسوا تخطيطاته ما يكفي من الحديد وأَتْخَموها حِمَمًا، ثم جعلوها تسعى بين الأرض والسماء عسى أن تُشيَّد لهم على أنقاض التاريخ، جغرافيا تليق بتضاريس قلوبهم...
أمّا الموناليزا، فقد بدأت تتوارى تاركةً إطارها شاشةً لصورة بشعة تنبض شرًّا اسمها: كوندوليزا.
* شاعر من المغرب