تغزو البضائع الصينية الأسواق العربية؛ تجدها في شكل منتجات إلكترونية، وحتى كأغراض تقليدية عربية مثل فوانيس رمضان. يقابل هذا الحضور التجاري السلعي غياب الفكر الصيني عنّا، وإن حضر ينحصر في بُعدين اختزاليين.
ما يصلنا من الوجه العقلي للعملاق الآسيوي ما زال يهيمن عليه حكماء الصين القديمة: كونغ فو، لاو تسو وسون تزو. وفي بُعده المعاصر، يقتصر على ما بلغنا من أفكار ماو تسي تونغ، ضمن تيارات اليسار وتجاربه.
قد نكون - كعرب - أكثر من يتناول بالنقد "مركزية الغرب". يحدث ذلك بحكم موقعنا من الضغط الذي يمارسه الغرب على "الآخر"، متجسّداً مرة في استشراق سياحي ناعم وأخرى في إسلاموفوبيا تحريضية. لكن ما إن ننظر للأمر من زاوية انفتاح الفكر العربي على الصين، سنفهم أن تكريس "المركزية الغربية" ينبض قلبه داخلنا.
الأرجح أن الصينيين، في مرحلة ما، ستكون لهم استراتيجية لنشر فكرهم، كما يفعلون اليوم لنشر لغتهم. وقتها، سيتغلغل ذلك الفكر فينا، ويُقدّم إلينا طبقه بارداً وببعد توجيهي.
اليوم، جميعنا يأخذ نهضة الصين بإعجاب، ولكننا نأخذها كمقولة جاهزة، ونعفي أنفسنا من تقليب البضاعة الصينية قبل اقتنائها. في الأدب نفعل ذلك، فنندفع لترجمة مو يان بعد حصوله على نوبل. يشبه الفكر العربي هنا متفرجاً تعوّد ألا يرى على خشبة المسرح إلا ما تُوجّه إليه الأضواء.