يُجمع سينمائيون ومتابعون للفن السابع في العراق على أن السينما العراقية ليست بخير، بل إن بعضهم ينكر وجود "سينما عراقية" أصلاً، معتبراً أن ما هو موجود حالياً لا يتجاوز مرحلة التجارب المتفرّقة التي لا تشكّل تجربة ناضجة ومكتملة الملامح وواضحة الهوية.
في هذا السياق، أقام "ملتقى الإذاعة والتلفزيون" في "اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين" في بغداد، مؤخّراً، جلسةً نقاشية جمعت سينمائيين تطرّقوا إلى راهن الفن السابع في البلاد وأسباب غيابه وسبل تطويره.
خلال النقاش، رسم المشاركون واقعاً سوداوياً أكثر ما يحضر فيه هو الغياب: غياب النص السينمائي والأدوات التقنية وشركات الإنتاج وقاعات العرض. لكن رئيس الملتقى، صالح الصحن، أكّد أن هدف الجلسة هو "أن نقترح حلولاً فعّالة وممكنة ونرفعها إلى الجهات المسؤولة، أو أن نحلّ نحنُ المشكلة بعيداً عن التدخّلات الرسمية غير المجدية".
يختصر الحصن المشهد السينمائي العراقي قائلاً: "ثمّة تنافس كبير على شبّاك التذاكر عربياً وعالمياً، حضور واضحٌ في المهرجانات السينمائية، وجوائز كثيرةٌ وكبيرة. لكن أين هو العراق من كلّ هذا؟".
يشاطر مدير قسم السينما في "دائرة السينما والمسرح"، قحطان عبد الجليل، الرأي السابق، لكنه يذهب إلى تشخيص أسبابه: "حين يكون لدينا مشروع لإنجاز فيلم سينمائي، فنحن لا نعرف إلى من نتوجّه. ليس ثمّة شركات إنتاج حقيقية، وجميعُ المؤسّسات التي يذهب إليها السينمائي بحثاً عن تمويل تطالبه بضمانات بإعادة أموالها".
يشير عبد الجليل، أيضاً، إلى نقص الإمكانيات التقنية وقلّة عدد التقنيين والمحترفين في صناعة السينما: "لا نملك كاميرات ولا أجهزة تصوير في دائرة السينما، وثمّة نقص فادح في مدراء التصوير والمصوّرين ومساعدي المخرج المحترفين، الذين يضعون خطّة محكمة للعمل"، مضيفاً أن "دائرة السينما والمسرح لوحدها توظّف قرابة سبعين مخرجاً سينمائياً، لكن اثنين أو ثلاثة فقط يعملون من بين كلّ هؤلاء".
يشدّد عبد الجليل نبرته النقدية، حين يعتبر أن "الكثير من المخرجين العراقيين اليوم لا يفرّقون حتّى بين المشهد واللقطة، وبعضهم لا يحسن استخدام الأجهزة والوسائل السينمائية".
أمّا المخرج طارق الجبوري، فيعتبر أن أزمة السينما في العراق مرتبطة بالإنتاج بالدرجة الأولى "لا يُمكن أن تكون ثمّة سينما إذا غاب أحد هذه الأضلاع الثلاثة: التمويل والصناعة والتسويق". يضيف: "الإنتاج السينمائي يتطلّب تمويلاً، والمموّل بدوره ينتظر أرباحاً أو عائدات من العمل. لكن في العراق، تخضع السينما إلى هيمنة الدولة التي تموّل الإنتاج من دون أن تنتظر عائدات، أو تسائل منتجيها عن النتائج التي حقّقوها".
يشير الجبوري إلى أن "الدول الشمولية" التي تهيمن على صناعة السينما تعجز عن إيجاد أسواق للأفلام المنتَجة، حتّى وإن كانت جيّدة، لكنها أوجدت بدائل أخرى، كاستحداث صناديق دعم، مطالباً الدولة بإنشاء صندوق لدعم السينما وسنّ قوانين تنظّم وتسهّل عملها.
اقرأ أيضاً: محاولات شابة لإنقاذ الفيلم العراقي