باهتمامات بحثية متنوّعة تعكس الواقع العربي وإشكالاته المعرفية، انعقد "المؤتمر الأول لباحثي معهد الدوحة للدراسات العليا"، في مقر المعهد، تحت عنوان "خطوة علمية على درب المعرفة" يومي 13 و14 من الشهر الجاري وبتنظيم من "المجلس الطلابي" في المعهد.
توزّع المؤتمر على سبع جلسات تضمّنت 26 مداخلة موزّعة بين سبعة محاور؛ "في منهجية الحقول المعرفية: إشكاليات نظرية وتطبيقية"، و"استعادة التاريخ: إعادة قراءة سرديات من الماضي"، و"السياسة والمجتمع في الدول العربية"، و"دراسات لسانية ولغوية من الواقع العربي"، و"مسائل في الصناعة المعجمية العربية"، و"سياسات التنمية والإدماج في الدول العربية"، و"المقاومة وآلياتها في مواجهة الهيمنة والسيطرة".
"في منهجية الحقول المعرفية" كان محور الجلسة الأولى التي افتُتح بها المؤتمر، وتحدّثت فيها صوفية حنازلة عن "أوهام الخطاب الإثنوغرافي: محاولة في خيانة المنهج.. بحث في الإثنوغرافيا الذاتية"، وقدّم مصطفى حسن ورقة بعنوان "بنية الحقل الثقافي المصري: بين الرأسمال السياسي والرأسمال المعرفي"، فيما تناول أشرف قريطب "نظرية الحقول الدلالية ودورها في حل إشكالات التعريف المعجمي: حقل السياسة نموذجاً". وقد اهتمّت هذه الجلسة أساساً بالجانب المنهجي في البحوث الإنسانية والاجتماعية، وولّدت أسئلة حول العوائق المعرفية التي يجدها الباحث في هذا المجالات، خصوصاً في الحدود المعرفية بين التخصّصات.
في الجلسة التالية، قدّمت أربعة أوراق تحاول إعادة قراءة السرديات التاريخية في السياق العربي، تحدّث فيها ياسين اليحياوي عن "متخيل بيزنطة عند العرب من خلال كتب المغازي والسير"، وتناول أنس الأعرابة موضوع "الدعاية الاستعمارية في المغرب ومسألة تنازع الخلافة الإسلامية خلال الحرب العالمية الأولى"، فيما قدّم طالب الدغيم مداخلة عن "جدلية اللبرلة والإصلاح في سورية بعد الاستقلال"، وعرض سعيد بدوي إلى مسألة "التجديد في الكتابة التاريخية الفلسطينية".
واختتم اليوم الأول بجلسة محورها "السياسة والمجتمع في الدول العربية"، قدّم فيها حمزة المصطفى ورقة تناولت تقييماً نقدياً لأثر الانخراط "السياسي" لفصائل إسلامية مسلّحة في سورية. وتدخلت نعمة المصباحي بورقة عنونتها بـ"المخزن يخاف الإبداع، المخزن يخاف السخرية: تحوّلات الممارسات الاحتجاجية لحركة 20 فبراير".
بينما تناول أبو بكر عبد الرازق الأوجه المتعدّدة للنظام الاستبدادي الواحد، عبر دراسة مقارنة للنظام السياسي في السودان بين عامي 1989 و2016. واختتمت الجلسة بورقة لبيتر راودسك عن "مسألة انفصال إقليم كردستان العراق وانخراط الاتحاد الأوروبي فيها". وقد ولّدت هذه الجلسة أطول مدة للنقاش، خصوصاً أنها ناقشت قضايا حيوية تهم المنطقة العربية، في فترة ما بعد الثورات العربية.
في اليوم الثاني، خصّصت الجلستان الأولى والثانية، لمداخلات متخصّصة في مجالي اللسانيات والمعجمية العربية. استهلّتها خديجة الصلابي بالحديث عن "مظاهر التواصل غير اللفظي لدى الطفل"، تلاها أحمد دار الشيخ بالحديث عن "الاطراد في معاني الزيادة التصريفية للفعل في اللغة العربية"، فيما تناول محمد جرار "تحليل الاحتياجات اللغوية للباحث الأكاديمي العربي"، وتحدّث فضل حميدان عن "الدلالة وضوابط تطوّر المعنى في المعجم"، وعرض حسام بري ورقة عن "معايير التواتر والشيوع في صناعة المعاجم العربية المعاصرة"، وكانت مداخلة علاء الشاطر عن "المعلومات الصرفية في المعجم العربي".
الجلسة الثالثة خصّصت لمواضيع تهتم بسياسات التنمية والإدماج في المنطقة العربية، تحدّث فيها محمد الرفاعي عن "واقع التخطيط الاستراتيجي للتعليم التقني في قطر"، وغير بعيد عنه تناولت مشاعل الرياشي موضوع "سياسة تمكين منظمات المجتمع المدني في قطر"، فيما كانت مداخلة يوسف عبيد عن "مكافحة الفساد في تونس بعد ثورة 2011".
الجلسة الرابعة والأخيرة التي اختُتمت بها أشغال المؤتمر، اهتمّت بموضوع المقاومة وآلياتها في مواجهة الهيمنة والسيطرة. مي عواد انشغلت في بحثها بالمقاومة بين الفلسفة والأدب متناولة نموذجي جان بول سارتر ومحمود درويش. وكانت مداخلة ختام عجارمة بعنوان "الانتحار الاستشهادي في انتفاضة القدس 2015".
أما إيهاب محارمة فقد عرض ورقة تناولت "نموذج الحكم المحلي في فلسطين وترسيخه للمركزية والتبعية والاقتصاد المقيد". فيما كانت مداخلة محمود عبد العال بعنوان "المسجد كنواة لمجتمع مدني في العالم الإسلامي"، وعرض فيها دراسة حالة لممارسات الهيمنة والمقاومة في مصر بعد ثورة يناير 2011.
من جهته يقول عضو اللجنة الأكاديمية في "المجلس الطلابي لمعهد الدوحة للدراسات العليا" نيروز ساتيك لـ"العربي الجديد": "بدأنا هذه السنة في نسختنا الأولى، بالطلاب الخريجين فقط، واستقبلنا طلبات المشاركة بمواضيع أطروحاتهم النهائية فقط، باعتبار أنها تلتزم بحد معقول علميا، ولأنها مرّت عبر محكمين اثنين على الأقل". في حين يوضح ربيع عيد رئيس المجلس الطلابي أن "السنوات القادمة سيكون الباب فيها مفتوحا لجميع طلاب السنتين ولخريجي الدفعات السابقة، للمشاركة في محورين أساسيين يتم تحديدهما سلفا".