يركّز الفنان البريطاني نثانييل راكو (1975) في معظم أعماله على كيفية تبلور المراحل السابقة للتفكير فيها بعد ظهور العمل بشكله النهائي، مستفيداً من مجال بحثه سلسلة التحوّلات اجتماعية والبيئية والبصرية التي قادت إلى تشييد معمار معيّن والتي تواصل تأثيرها بعد ذلك، في استعارة لـ"المسار" كمفهوم رياضي.
يستضيف "ليتيسيا آرت غاليري" في بيروت معرضه الجديد الذي افتتح في السابع والعشرين من الشهر الماضي بعنوان "شكل المدينة" ويستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ويتخذ فيه من بيروت محطّة انطلاق ضمن رحلة يخوضها للتحقيق في الطبيعة المتغيّرة باستمرار وتدميرها ثم إعادة تجديدها وإعمارها.
يشير راكو في تقديمه المعرض إلى أن "مدينة بيروت نفسها أضحت نقطة انطلاق لمجموعة من الأعمال التي يسعى من خلالها إلى استكشاف مفهوم الجمال العابر الذي يمكن أن تفاجئنا به البيئة الحضرية، ما يسمح لي بالجمع بين إجراء تحقيق رسمي ومكانيّ حول مفاهيم الاستيطان، والانعزال، والحركة، ورسم الخرائط المعرفية".
يُعرض تجهيز ضخم على مدخل الغاليري يمزج الفنان فيه بين مواد البناء، المحلية الصنع من أغطية بلاستيكية مصنوعة من زجاج معزّز، ومعدن مقاوم للصدأ، إضافة الى مصابيح بيضاء، ليقدّم نموذجاً مختلفاً من البناء من خلال الدمج بين قطع وأجزاء مألوفة وفق قالب جمالي جديد.
ويضمّ المعرض ستة منحوتات تشغل وسط قاعة الغاليري وهي تأتي على هيئة كتل اسمنتية، كلّ منها مضاء بمكعب من النيون الأبيض، إلى جانب سلسلة جديدة من الأعمال تمزج بين وسائط مصنوعة من الورق والمؤطرة، وسلسلة محطات وقود ذات أحجام مختلفة، بعضها صغير وبعضها الآخر يشغل حيزاً كبيراً.
في معارضه السابقة حول تأسيس مدنٍ كباريس وبانكوك كيفية تشكّل الأحياء الصناعية والتاريخية والسياحية والتجارية، وكيف تتولّد الممارسات اليومية والحركة والتنقّل في ما بينها، وكذلك في علاقتها مع الضوء مع تقّلب الليل والنهار، ما يسمح له باستكشاف السبل التي ينبغي على سكان المدن تكييف سلوكهم وفقها، على نحو مستمر، للتفاوض بنجاح حول أنماط المشاهد المبنية.